استعدوا للموت وأنتم يا أهل القصيم لا يغرنكم ابن سعود لا يغرنكم شاب طائش يبغي الدراهم ليأخذها لأمه الفقيرة، فقام فهد الرشودي وهو يقول: يا طويل العمر إذا قتلتني فإني فلاح لا أعز ولا أذل، ورجع يحمل كلام ابن رشيد وتهديداته إلى ابن سعود، ولما أن وصل إليه وجد المجلس الكبير قد امتلأ ليسمعوا جواب ابن رشيد، فألقاه عليهم فهد بن علي وهو يبكي، وكان رصينًا محترمًا موعظًا موقرًا، وقال: يا أهل نجد ما رأيت هناك إلا ظالمًا عتيًا كفرعون، سيقتل رجالكم ويستحي نسائكم، ما عند ابن متعب لكم غير السيف، ويصنع بكم كما صنع فرعون ببني إسرائيل، فأثرت كلماته فيهم تأثيرًا بليغًا وكانت كوقع النار على قلوبهم، واشتعلت من قلوبهم نيران العداوة لابن رشيد وتبايعوا على الموت، ومع أن بادية ابن سعود قد تفرقت كما هي عادة البدو، إنهم يتبعون مصلحة أنفسهم لا سيما أنهم يريدون رعي مواشيهم، ولم يكن لابن سعود أن يكرههم على البقاء لأنهم لم يكونوا من الجند بل كانوا متطوعين متكسبين، ولم يبقَ مع عبد العزيز غير ثمانمائة من الحضر وثلاثمائة من رؤساء القبائل، فإن هؤلاء ما كانوا ليتاركوا ابن رشيد، وهذا مما يدل على سعة رأي ابن سعود لأنه يريد أن يستبسل أهل القصيم على ابن رشيد، ويظهر لهم ما انطوى عليه من الحنق، ويدل أيضًا على قصر مبلغ عقلية ابن رشيد وسوء تدبيره، حيث أضاع الفرصة ولم يغتنم جنوح خصمه إلى المسالمة، بل كان حظه أن أثار حمية العدو على فكاك أرواحهم منه على أن الملل لم ينحصر في بادية ابن سعود، بل كان قد ظهرت أنواع الضجر والملل في عساكره وجموعه، فقد قامت عليه باديته تقول: هلكت مواشينا وهلكت أولادنا جوعًا، فإما أن نرحل جميعًا فنمشي ورائك وإما أن نرحل نحن ونذرك، فأجابهم ابن رشيد يقول: كيف نرحل ولا ركائب عندنا لعسكر الدولة، وذلك لأنه تلف عليه عشرة آلاف ذلول في هذه الوقعة والمناوشة بعدها، فقال رجال شمّر: كل قبيلة منا تقدم الركائب لقسم من العسكر، فقبل ابن رشيد وأمر أن توزع أمتعة العسكر إجمالًا على شمّر وذلك لما خاف تفرق قومه لطول المقام، ولأن المسلمين لا يدعونهم