للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتشرون لرعي إبلهم وجيوشهم حتى أكلوا جميع ما في الشنانة حتى النخيل، ثم عزم على الرحيل تاركًا عدوه ورائه، فيا عجبًا لسوء هذا التدبير كيف رفض الصلح الشريف الذي عرض عليه، ورحل بدون طائل، بل إنه رحل رحيل المنهزم المغلوب.

أضف إلى ذلك تهديده الذي شد عزائم السعوديين على مهاجمته والقضاء عليه، فلما عزم على الرحيل ذلك اليوم لم يشعر إلا وقد هجم ابن سعود عليه بخيوله ليحول دون ذلك يقول أنا أخو الأنور لا أدعهم يرحلون لا إلا المناجزة، فتصادموا وتقارعوا من صلاة الفجر يوم سادس عشر شعبان إلى غروب الشمس، فارتحلت بادية ابن رشيد قبله وتركته ورائها، فخرج ابن رشيد من الشنانة وجعل ابن سعود يطارده إلى أن أذنت الشمس بالمغيب، فنصب ابن رشيد خيامه إذ ذاك خدعةً للمبيت، فانخدع له ابن سعود ورجع بخيله بعد أن أقام هناك بعض الحرس والكشافة، فشرع ابن رشيد يتأهب للرحيل، وكانت خطة ابن سعود الحربية أن ينهك خصمه بالمفاجئات والمناوشات، فإذا أضعفه ضربة ضربة تكون هي القاضية.

ولما رجع مساءً إلى مركزه في الرس من يومه وجلس على العشاء، جائه أحد الكشافة يقول: رحل ابن رشيد، فقام وترك العشاء هو ورجاله وسارعوا إلى الخيل وأخذوا قافية العدو، ولما قربوا منه رأوا سوادًا ظنوه غنمًا فأغاروا عليها فإذا بها عساكر الترك، وكان قد جنّ الليل فنازلوهم ساعةً دون نتيجة تذكر.

ثم عاد ابن سعود وجنوده إلى الرس وترك كشافته على حسب العادة في مكان معلوم ومعهم رجال من أسرتهم وزودهم بهذه التعليمات، إذا رحل ابن رشيد وقرب إلى الخنق "وهو موضع بين جبلي إبان معروف" فأرسلوا إلي أخبروني وتقفوه لتعلموا بمسيرة، أما إذا مشى إلى قصر ابن عقيل فعليكم أنتم يا آل سعود أن تسبقوه إلى القصر لتشجعوا أهله وتقولوا لهم إننا مسارعون إلى نجدتكم، وكان في قصر ابن عقيل سرية لابن سعود، فلما ذهب ابن رشيد تلك