ثم إنهم أرسلوا في طلب الإمام عبد العزيز، فأدركوه وأخبروه بظفرهم والنصر الذي انتصروا على العدو، وألحوا عليه بالرجوع قائلين: يا عبد العزيز اتق الله ولا تفرَّ وتدعنا لابن رشيد ينكل بنا فقد ناصرناك، وإن ظفر بنا أهلكنا، فأشكل عليه الأمر وأحب أن يطلع على حقيقة غايتهم، فقال: اثبتوا مكانكم فإني سأستفزع أهل نجد وأرجع إليكم، فبعثوا له الرسل والكتب يقولون: إذا أنت رحلت فلا يستقيم بعدك أمر، وإذا رجعت نحن نعاهدك في السراء والضراء، نقدم أنفسنا وأموالنا وأولادنا بين يديك لنحمي أوطاننا أو نموت جميعًا، وكانت الأمة قد اجتمعت في عنيزة على ساقته، فرجع إليهم عبد العزيز وخرجوا لاستقباله فرحين مستبشرين حتى خرجت المخدرات يصفقن ويغنين، فقدموا المال والرجال، ولما بلغ الخبر أهل نجد جائوا مجاهدين وأقبلت عتيبة ومطير بأجمعها فانضموا إليه حتى اجتمع لديه في ستة أيام أثنا عشر ألفًا من المقاتلة، فزحف بهذا الجيش الخميس إلى البكيرية، يريد أن يهجم على ابن رشيد فيها ولكنه كان قد رحل منها في اليوم السابق، وهجم على الخبراء وفيها سرية لابن سعود، فعند ذلك دافع أهل الخبراء مع الجنود الحامية دفاعًا شديدًا، وقد شدَّد عليهم عبد العزيز بن متعب الوطأة بما لديه من البأس والصلف وحصر الخبراء وأطلق عليه المدافع التي ظلت قنابلها طيلة ذلك النهار تضربها، ولكن ثبتوا له ثبات الأسود في غابها ولم تؤثر مدافعه فيها مع ضخامتها وقوتها، ولقد كان يوالي إطلاق المدافع عليها، ومع ما هم فيه من الوباء الذي سرى فيهم من عساكر الأتراك الذي رماهم الله به وساقه عليهم فإنهم ثابتون وللعدو مصابرون.
ولما علم ابن رشيد بزحف ابن سعود إلى البكيرية أهمه أن يهجم عليها وهي مركزه العام للجيش وفيها ذخائره وعتاده، فأرسل إليها سرية كبرى بعدها سرية وسريه حتى أرسل إليها ألفًا وخمسمائة خيال بقيادة سلطان بن حمود بن رشيد، فتصادموا بخيالة ابن سعود وهي ستمائة وخمسون عند انفجار الصبح قرب البكيرية فكانت الهزيمة على سلطان بن رشيد وجنوده، ثم دخلها ابن سعود وفتك بحامية