وكانت العساكر والجنود الطاغية قد نهضوا بأجمعهم في نحر أهل العارض ومن معهم من أهل النواحي بحيث أن ابن رشيد قد جعل الناظور في عينيه وأمر جنوده أن يركبوا القوة كلها على راية ابن سعود نفسها، فانحسب ليس معه من خيالته سوى عشرين فارسًا، وقتل من جيشه تسعمائة مقاتل، منهم ستمائة وخمسون من أهل العارض، وأصيب جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بشظايا قنبلة في يده اليسرى.
ولما كان في آخر النهار قبل غروب الشمس، ظهرت جموع أهل القصيم بقيادة صالح الحسن وهم لا يعلمون بانكشاف العارض لأنهم كانوا في ضب منخفض، فحملوا على العساكر العثمانية والجنود الرشيدية فهزموهم شر هزيمة وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وهناك أبدى أهل القصيم بسالة وشجاعة في كبح هذه الجنود المتضافرة من أجناس شتى وضربوهم ضربات أوقفتهم عند حدهم مرات وحملت العدو خسائر فادحة، وقد انضم بعض أهل الرياض إلى أهل القصيم، فعند ذلك أخذ السعوديون خيام العدو ومدافعهم ومطارحهم، وقتلوا منهم خمسمائة من أهل الجبل، من أعيانهم ماجد بن حمود بن رشيد وعبد العزيز بن جبر وأربعمائة من العساكر من أعيانهم أربعة ضباط من كبار العساكر، ووقع ابن رشيد من فرسه فطاحت عليه الفرس فآلمته آلمًا شديدًا غير أنها لم تقعده، ثم هجم أهل القصيم وعرب مطير بقيادة عبد العزيز بن جلوي على جناح العدو فبعجوه، ثم أغاروا على بادية شمّر فغنموا أرزاقها ولكن الشمّريون هجموا أيضًا على معسكر ابن سعود، فنهبوه واحدة بواحدة وتمت الهزيمة على الجانبين سواء بسواء.
ثم إن أهل القصيم رجعوا إلى مركز ابن سعود، فوجدوا فيه المدافع وثلاثمائة من عساكر الأتراك، فتواقعوا وإياهم فقتلوهم وغنموا المدافع، وظلوا في البكيرية، ولما طلبوا إمامهم وفتشوا فلم يجدوه وأين هو؟ فقد هرب إلى حوالي المذنب ويحق له ذلك لأن العدو صدق عليه الحملة بالعساكر، فحمل أهل القصيم الأسلحة الخفية وعادا إلى بريدة وعنيزة.