عليهم ولا تنفع عنده فيهم شفاعة. ولم يخلد إلى الدعة والسكينة منذ ما أصبح قادرًا على تقلد الحسام وامتطاء الجواد بل واصل الحرب والقتال مدة أربع وثلاثين سنة تمَّ له فيها وفي خلالها إنشاء هذه المملكة الطويلة العريضة من الشام إلى اليمَن ومن البحر الأحمر إلى الخليج العربي. وقد قاتل على كل شبر أرض منها كما يقول عن نفسه ولم يشرق نجمه ويتألق إلاَّ بعد الحرب العظمى، ولم يتلألأ كوكب مجده إلاَّ بعد الانتصارين العظيمين الذين أدركهما في وقت يكاد يكون واحدًا. فقد قضى في تربة على جيش الحسين الشريف فأصبح بذلك يملك أكبر قوة عسكرية في شمال الجزيرة، كما أنَّ فوزه الحاسم يوم فتح حايل وتقويضه إمارة آل رشيد جعله سيد نجد غير مدافع وصاحب الكلمة العليا فيها فانصرف إلى ضم الحجاز وإلى تعزيز نفوذه في خارج نجد فاحتلَّ منطقة عسير بلا عناء ووسع حدوده من جهة الشرق وأقام ينتظر الفرص ليضرب ضربته الكبرى وليبسط نفوذه على الجزيرة كلها ويدخلها في طاعته وهو الحلم الذي يحلم به ويطمع أن يوفق إلى تحقيقه على أنَّه كان ذا حظ، فهو محظوظ كما يقول عن نفسه، وشاهد هذا فتح الطائف وبعض الفتوحات التي سهلها الله العلي الكبير بدون كبير أمر يذكر غير أنَّها ترجع لإظهاره القوة وصدق العزيمة وكان بابه مفتوحًا للضيف والمظلوم وكيسه مفتوحًا للبذل والعطاء. كما أنَّ سيفه مسلول للتأديب.
وقد ساد قومه بهذه المزايا الثلاث: العدل والكرم والشجاعة، ونال ما لم ينله غيره من آل سعود.
ولقد سطا في استرجاع الملك من آل رشيد سطوات يشيب من هولها الوليد، وألقى نفسه في المعاطف، فكان لا يهاب أحدًا ولو أنَّ النَّار في وجهه لألقى نفسه فيها ولكن بحسن تدبير وسياسة مجندل عجلان. وكان يتحدث عن فتح الرياض وما جرى في تلك الساعة من الأهوال قال: لم