فإن أهل الإسلام اليوم في رغد وخصب ونعمة، فيجب أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحل بهم عقاب الله فما أهون الخلق علي الله إذا أضاعوا.
رجعنا إلى قصة سعود بن فيصل وما جرى بينه وبين أخيه عبد الله من الاختلاف، فنقول: بعدما انهزم في واقعة الخويرة ما كان هذا الفشل ليثني عزمه، فقد عاد يقطع الدهنا إلى الأفلاج.
وفي شوال قدم سعود بن فيصل إلى وادي الدواسر بمن معه من الجنود وقصد الخرج، وكان الإمام عبد الله بن فيصل قد أمر أخاه محمدًا وعمه عبد الله بن تركي وعدة رجال من أتباعه أن يسيروا على بلد الدلم ويضبطوها خوفًا من أخيه سعود، فسار إليها محمد بن فيصل وعمه عبد الله بغزو من الرياض وضرما، فدخلوها وأقبل سعود بن فيصل بجنود كثيرة من العجمان والدواسر وأهل الجنوب، وقام معه أيضًا ابن قنيان والعجالين والهزاني وأهل الحوطة، فنزل على البلد وحصرها حصرًا شديدًا، فخان أهل البلد الأمير محمد بن فيصل وأصحابه وفتحوا الباب لسعود فدخلها وجنوده، ولما رأى البوار محمد بن فيصل ركب فرسه وانهزم إلى الرياض، ثم قبض سعود علي عمه عبد الله بن تركي وأمر بحبسه، وأخذ ركاب أصحاب أخيه وسلاحهم، وقتل منهم عدة رجال، وبعد أيام قليلة توفى الأمير عبد الله بن تركي بحبس سعود ذلك، وكان شهمًا شجاعًا صارمًا فرحمة الله عليه.
ولما جرت هذه الفتن العمياء، قام الشيخ الإمام العالم الألمعي عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ فبث الرسائل والنصائح، وباح بما عنده من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، واستعظم جدًا ما فعل سعود بن فيصل من خروجه على الأمة وإمامها يضرب برها وفاجرها إلا من أطاعه وانتظم في سلكه.
وذكر رحمه الله أن لعبد الله بن فيصل بيعة وله ولاية شرعية في الجملة، ثم رد علي سعود وسفه رأيه بمفارقته لجماعة المسلمين وخروجه على أخيه، وكان الشيخ قد بعث أولًا نصيحة لابن عائض أمثاله من الرؤوساء والأمراء ينهاهم فيها عن متابعته والإصغاء إليه ونصرته، وفعلًا قد امتثلوا وما رفعوا لسعود رأسًا.