ولما بلغ مباركًا فتح الرياض بعث إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن يهنيه بفتح الرياض الذي قد أثلج صدره ويدعو له بالبركة، وجعل ينخاه على خصمه ويدعو له يا ولدي تولاك الله وعافاك وقواك وجعل النصر أخاك، وكان لا يدعوه إلا يا ولدي يا عبد العزيز وطلب منه النجدة.
ثم إن صاحب الكويت أمدّ عبد العزيز فبعث أخاه سعد بن عبد الرحمن بالنجدة التي طلبها، ومشى بنفسه إلى غرضه، فشن الغارة على قبائل ابن رشيد حتى استولى على النواحي الجنوبية مثل الخرج والحوطة والحريق والأفلاج ووادي الدواسر، وكاتبته البلدان الشمالية بالطاعة سرًا، وهذه كالمحمل والوشم وسدير والشعيب فهي موالية لابن سعود وإن كانت في حوزة ابن رشيد.
وهذه نبذة من ترجمة الملك عبد العزيز، أما نسبه فتقدم في سنة ولادته.
وأما صفته فإنه كان قوي البنية طويل القامة براق العينين طاهر العرض نظيفًا وقد بلغ في الشجاعة مبلغًا عظيمًا فكان يقابل في ميادين النزال عديدًا من الفرسان الأشداء وهو وحده ويحيطون به وكلهم شجاع قوي فيمزق شملهم ويضطرهم إلى الفرار، وقد كان من شجاعته ألا يضع لنفسه حارسًا، وبهذه المخاطرات فإنه يرى عليه علامات الافتراس كما يرى في رقاب السباع أثار الدماء، وقد ملأ جسمه بجراحات بعضها خطره، ولكن شفاه الله منها وبعض إصاباته من السيف، وبعضها من الرصاص وبعضها من شظايا القنابل، وهي أعظم شهادة تدل على الشجاعة والبطولة والإقدام، وإذا كان بدر بن عمار يكرم سيفه عن الليث ويجعل له سوطه كما قال عنه أبو الطيب المتنبي يمتدحه بهذا البيت:
أمعفر الليث الهزبر بسوطه ... لمن ادخرت الصارم المصقولا
فإن ابن سعود صارع من هو أقوى من الليث حتى صار اسمه اليوم أعظم من الجيش، فمن شجاعته النادرة أنه قهر عبد العزيز بن متعب الذي كان هو الشجاع المعلم الذي تنفست عنه الجزيرة في القرن الرابع عشر، ويعترف له أبطال نجد