أمن من الزلازل والمحن، وكان رجلًا ناسكًا تقيًا عارفًا بعلوم الدين، وعلم العقيدة، فرحمة الله على روحه.
ولما أن عزل الحاكم عبد العزيز بن متعب أئمة المساجد وأبدلهم بأخرين على ما تقتضيه إرادته، كان من بين أولئك الأئمة أمام قرية اللسيب، وكان معتزلًا وله سجع مليح في الكلام، فدعا به ابن رشيد إليه وقال: أيهًا يا مطوع اللسيب ينسبون إليك كليمات فما هي؟ فأجابه نعم كنت أقول أن ابن رشيد يأخذ من الزاعب ويعطي اللاعب، وقد كنت أقول أنا في نقرة في الغميس غاب عنها إبليس، ولا علمت بفعل الجواسيس، فضحك منه ابن رشيد والتفت ضاحكًا إلى ماجد بن حمود يقول: صدق ولم يتعرض له بسوء.
ولما ولي في القصيم وعزل وأحكم وأبرم، زحف يريد الكويت وأعاد الكرة على ابن صباح، فنزل في الحفر المعروف، وكان يقع في منتصف الطريق بين القصيم والكويت، وذهب يوسف بن عبد الله آل إبراهيم يهيج عليه الدولة، وكانت شكوى الموتورين أبناء أخوي مبارك وشقيقه قد وصلت إلى الأستانة، ففتحت لها الدولة إذنها وأصاخ لها الباب العالي وأنذر صاحب الكويت، فسيرت الدولة إلى الكويت باخرة حربية، وكانت هذه الباخرة تحمل عددًا من الضباط وكثيرًا من الجنود، وسلم إلى مبارك رسالة تتضمن توليته منصب عضو في مجلس الشورى لديها في الأستانة لتمسك بزمامه أو يغادر الكويت إلى أي بلاد أرادها، وحينئذ تعطيه الدولة راتبًا ضخمًا، هذا وابن رشيد قد زحف على أطراف البلاد وهم بالهجوم على الجهراء، فأحاطت بمبارك الأخطار، ولما رأى نفسه وبلاده في شبه الحصار، أرسل إلى أبي شهر يستنجد الإنكليز ويستفزعهم، فجاء بعد ثلاثة أيام مركب عظيم من بريطانيا العظمى نصرةً لابن صباح، وكان هذا المركب حربيًا عظيمًا فرسى في مياه الكويت عشرين يومًا، فتلبدت الثائرات على مبارك وجعل يجهز الحملة الثانية على ابن رشيد، بل زحف إلى الجهراء والمركب الحربي البريطاني سائر في مرأى من الجيش إليها ولسان حاله يقول: أتبغون حصاري برًا وبحرًا ها أنا ذا جئتكم بحرًا وبرًا