بريدة لتعفو عنهم، ثم أخذ البندقية وجعلها في ثغرة نفسه وأقسم بالله العظيم لئن لم تعفو عنهم وتطلق سراحهم إلى أهليهم ليطلقن البندقية على نفسه وينتحر، فرفق له ابن رشيد بصفته القريب المخلص له، وأمر بإخراجهم من السجن، وصفح عنهم، ثم أشار عليه ماجد بأن يأخذ أمواله، فإن المال أسهل من النفوس.
ثم إنه جعل - أعني ابن رشيد - على تجار أهل القصيم ضرائب، كل تاجر ثلاثة آلاف أو ألفين يريد أن يضعف شوكتهم، وسخر أهالي البيوت يطحنون له، وأصدر أوامره على أرباب البقر أن يحلبوها ويمخضوا الألبان ويبعثوا بها إليه.
وقد حدثني أحد شيوخ الصحراء قال: إنه جعل على أهل قريتنا في يوم واحد ست ضرائب، فسألته؟ فقال: لما كان بعد صلاة الصبح جاءنا رسول يقول: نريد تمرًا فجمعنا له ستمائة وزنة، ولما بعثنا بها إذا بأخر يقول نريد عليقًا لخيل الحاكم، فبعثنا بمئتي صاع من الشعير، فلم نلبث أن جاء رسول ثالث يقول: اجمعوا برسيمًا وأرسلوه في الحال، فجددنا ستمائة وزنة وبعثنا بها إليه، فلما كان بعد الظهر إذا بخادم ابن رشيد يقول: نريد حطبًا لعشاء الحاكم، فأخذنا ما في بيوتنا من الحطب وبعثنا إليه بحملين، ثم إنه بعث إلينا رسولًا حوالي الليل يقول: إن زكاتكم لم تصل، وكان بذلك كاذبًا، فأديناها ثانيةً، وجاء رسول يقول: نريد تبنًا للمواشي، فهذه ست ضرائب في يوم واحد، وانتهت هذه الوقعة المشهورة بواقعة الطرفية، وكان الأولى بها أن تنسب إلى الصريف لقربها منه.
رجعنا إلى ذكر الشاب المحبوب عبد العزيز بن عبد الرحمن، فنقول لما سار من الشوكي يؤم الرياض، قد سار جنوبًا بغرب يريد الاستيلاء على عاصمة أجداده واستردادها، وصلها بعد يومين، وكان في باكورة أعماله وغزواته موفقًا، فاحتلها أو كاد لكن حامية ابن رشيد اعتصمت بقصرها الحصين، فحاصرها فيه وعزم على أن يستولي عليه لأنه شرع ورجاله في حفر نفق إليه، وباشروا هذه المهمة لولا أن وافته أخبار هزيمة مبارك في الصريف، فتركها ولوى عنانه راجعًا، ولكنه استفاد من هذه الغزوة كيفية مأتى الحصول على حصن الرياض الأعظم، وعاد برجاله إلى الكويت.