لا أقبل بالتجزئة، ولا أقبل بالانتداب ولا أسكت وفي عروقي دم عربي، عن مطالبة الحكومة البريطانية بالوفاء بالعهود التي قطعتها للعرب إذا رفضت الحكومة البريطانية التعديل الذي أطلبه فإني أرفض المعاهدة كلها، أقول المعاهدة كلها، لا أوقع المعاهدة قبل أخذ رأي الأمة إني عامل دائما في سبيل الإتفاق وأمراء العرب، إني عامل دائما في سبيل الوحدة العربية والاستقلال التام، أقول الاستقلال التام للأقطار العربية كلها ولا فرق عندي إذا كان مركز الحكومة العربية في الحجاز أو في سوريا أو في العراق أو في نجد، ولا عجب بعد هذه التصريحات المدهشة إذا تمت المبايعة بالخلافة، فبعد المآدب والاجتماعات العامة المتعددة، وبعد الاجتماعات الخاصة وحضور رؤساء الوفود وكبار موظفي الإنكليز، نودي بالملك حسين بن علي خليفة على المسلمين، وأمير المؤمنين، فبايعه السوريون والفلسطينيون الذين كانوا هناك ورؤساء عرب الأردن والحجازيون الذين كانوا مع جلالته وفريق من العراقيين وبعض من الهند والسند، وسيان كان ذلك عن كره أو رضى منهم فقد وصل إلى بغيته ونال أمنيته وفعل أفاعيل تقرر خلافته ورجع إلى مكة في يوم السبت ٢٣ شعبان، فأعدت الزينات واستقبله أهالي جدة ومكة استقبالًا باهرًا.
ولما صنع الشريف ما ذكرنا عقد في غرة ذي القعدة اجتماع عام برئاسة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، وذلك بمدينة الرياض عاصمة المملكة السعودية حضره العلماء ورؤساء القبائل وكان صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن قد عاد إذ ذاك إلى الرياض بعد إقامته في الأحساء أثناء مؤتمر الكويت يراقب نتائجه فلما حضرت الأمة واجتمعت إفتتح الإمام عبد الرحمن الجلسة قائلًا:(قد جاءني كتب عديدة من الإخوان (١) وهم يريدون الحج وقد أرسلت هذه الكتب في حينها إلى ولدنا عبد العزيز وها هو أمامكم فسألوه عما يبدو لكم فتكلم عبد العزيز قائلا: وصلني كل ما كتبتموه وأحطت علما بكل ما شكوتموه، إن لكل شيء نهاية، فلا تيأسوا وإن الأمور مرهونة لأوقاتها.