على تعديل خطته، فكتب هذه المرة خطابا لابن سعود فيه التهديد والوعيد، من علي بن الحسين إلى صاحب العظمة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود. أما بعد:
فإني على يقين من أن التسافك في الجزيرة يقطع الأرحام، وذهب بالأحلام، ويغري عدو العرب على الإستفادة من الخصام، وأنت تعلم أنه عدو شديد عنيد لا يستنيم إلى رعاية العهود ولا يطمئن إلى السكينة، فماذا أنت فاعل وقد بسطت لك الحالة كما هي من غير تشويه في حقيقتها أو لبس في مظاهرها وأن أقصى رغبتي هي أن يسود السلام في الجزيرة، وأن تعود السكينة ما بين نجد والحجاز، وإني لباسط لك رأيي في السلم، ومقترح عليك عقد مؤتمر لإزالة بواعث الخلاف وينبغي أن تعلم عظمتك أن تدخل الأجانب بين الأمم المسلمة ضار بنا وبمصلحة بلادنا وهذا التدخل لا يبعد أن يجر إلى تشاحن عظيم، وهذا أمر لا أرغب فيه ولا أوافقك عليه، وما شأن الأعاجم (١) في بلادنا، وأنت تعلم أن لهم من مشاغلهم في بلادهم ما يضطرهم إلى التنحي عن الإهتمام بمصير الحجاز، فإذا هم جدوا في استقلال بلادهم كان ذلك أحرى لهم من كل أمر لذلك، فإني أقترح عليك عقد مؤتمر يحضره مندوبوا الطرفين للصلح، والرجوع إلى إتمام المفاوضات التي دارت في مؤتمر الكويت من قبل، وأرغب إليك جلاء النجديين من الأراضي الحجازية المحتلة، وإلا فسنردها بالسيف، فإذا لم يبلغك صوتي ويصلك نذيري فإني مضطر إلى الإطلاء بنار الحرب بلا شفقة ولا رحمة، وللتاريخ بعد ذلك حكمه الذي لا يرد في الباغي منا، وإذا كنت باغيا فلا يذكرني التاريخ بخير، وإن كنت أنت الباغي حقت عليك كلمة الله "وما الله بغافل عما يعمل الظالمون"، فتلقى ابن سعود هذا الخطاب يتبسم وعرف أن القلق قد أزعجه وفر من قلبه الثبات، وما وسعه إلا أن يرد عليه ردا قاسيا على علي بن الشريف حسين.
(١) يقصد بالأعاجم علماء الهند الذين فوض ابن سعود الأمر إلى حكمهم عند عقد المؤتمر الإسلامي، والمذكورون هم الذين طلبت وساطتهم في صلح الحكومة الحجازية من الأساس.