كر العصور والأيام وأمضى عليه كتبه المخلص نائب جلالة الملك "السير آرثر مكماهون".
فهذا تمام أربعة كتب، وقد ألقت الطائرة الإنكليزية في صباح أحد تلك الأيام على أهل جدة منشورات تحث الأهالي على الثورة والانتفاض على الأتراك وقالت فيها أن الحامل على ذلك العداء للأتراك هو حب العرب والشفقة عليهم من أن يكونوا ألعوبة في يد دولة أجنبية بل يريدون للعرب تمام المصلحة لما عندهم لهم من الرأفة والحنان وسيصيرون بحول الله وقوته أمة مجتمعة بكل معاني الاستقلال، ألا فاعلموا أن الديانة الإِسلامية قد احترمتها الإنكليز وأنهم ما فتئوا لمساعدة سلطان تركيا حتى أنكر كل جميل صنعوه به إلى أن قالوا وإن أقرب برهان على ما ذكرنا هو رغبتنا في مساعدة سكان الأراضي الحجازية بمقادير من الحبوب ولكن ضباط الألمان والأتراك صادروا هذه المقادير حال وصولها جدة؛ وألجئونا إلى عدم متابعة إرسال الحبوب لأعدائنا كذا ليسدوا ما بهم من ألم المسغبة في حين أن الفقراء خماص البطون يتضورون من ألم الجوع وبالرغم من كل هذه الصعوبات فإن الحكومة الإنكليزية بعد ما سمعت بما يتكبده الحجاج وسكان بلاد العرب الأبرياء من آلام الجوع لندرة المأكولات قد حركتها عوامل الشفقة والصداقة السرمدية نحو العرب أجمع فقررت التصريح بجلب المأكولات إلى جدة عن طريق البحر فليتأكد العرب أنفسهم أن هذه المؤن الغذائية هي قوت لهم ولعائلاتهم وليجتهدوا في منع مصادرتها من هؤلاء الذين يعملون على نقض القواعد المتبعة إِبان الحروب ويخطفون لقمة الجائع من فمه أه.
ولكن ينبغي للعاقل أن يعرف أن بريطانيا فعلت ذلك لأمر ما، والدليل عليه تناقضها بعد ما وضعت الحرب أوزارها، وكانت مفاوضة الإنكليز للشريف بعد ما فاوضت ابن سعود بشهر، أما ابن سعود فإنه قد نهض في محرم من هذه السنة وزحف مسارعًا يريد مهاجمة العجمان وابن صباح على السواء ذلك ابن صباح الذي ظهرت خيانته وتحريشه بين ابن سعود والعشائر، فلما أن وصل إلى مخيم أخيه