ولما أعلنت إيطاليا الحرب على الحبشة استصرخ النجاشي "هيلاسلاسي" عصبة الأمم في حسم الخلاف، ومد الغوث لبلاده، ولكنه لما كان في سنة ١٩٣٥ م زحفت إيطاليا على الحبشة وكانت نتيجة القتال أمرًا مفروغًا منه، وتركت الدول الكبرى الحبشة تصارع بمفردها كريمها القوي، وهي تكاد تكون عزلاء، ومع أن الإيطاليين لم يحرزوا انتصارات حاسمة في الألثهر الثلاثة الأولى من القتال، إلا أنه ما وافى شهر مارس سنة ١٩٣٦ م حتى كان الإيطاليون قد قضوا على كل مقاومة حربية جدية من جانب الحبشة، ولاذ في أول مايو الإمبراطور هيلاسلاسي بالفرار إلى انكلترا، وبهروبه انهارت كل مقاومة منظمة، وعمت البلاد الفوضى، واحتلت الجنود الإيطالية أديس أبابا، وفي التاسع من مايو سنة ١٩٣٦ م الموافق ليوم السبت ١٨ صفر من هذه السنة نودي بعمانوئيل ملك إيطاليا امبراطورًا على الحبشة وهذا بعد حرب طاحنة امتدت حوالي ثمانية أشهر، ولقد أيدّ هتلر زميله الإيطالي تأييدًا قويًا خلال هذه الغامرة الاستعمارية، وجاءت الحرب الأهلية الإسبانية في هذا السنة فقربت بين هتلر ورئيس إيطاليا وحددت صفوفهما وأصدر الفوهرر هتلر أمره في ٧ من مارس سنة ١٩٣٦ م باحتلال منطقة الرين وإعادة تحصينها، وأخذ يفكر بعين طامحة إلى ضم النمسا إليه، فلما رأت بريطانيا أعمال هتلر عادت إلى توثيق تحالفها مع فرنسا، ورصدت في هذه الأيام أربعمائة مليون جنيه للتسلح على أن يزداد هذا المبلغ إلى ألف مليون وخمسمائة مليون جنيه، ذلك لأن الدول أخذت تستعد لوقوع حرب عالمية ثانية، ورأت تحت الرماد وميض جمر يوشك أن يكون لها ضرام.
وفيها انفجرت ثورة في فلسطين ضد اليهود والانجليز الذين مكنوا اليهود من اتخاذ فلسطين وطنًا قوميًا لهم، وحدد أهل فلسطين أهدافهم في ثلاثة أمور:
إلغاء وعد بلفور، ورفض الانتداب البريطاني، واستقلال فلسطين، واستمرت هذه الثورة ثلاث سنين فلم تتوقف إلا عند نشوب الحرب العظمى الثانية، لأن الحكومة الانكليزية لجأت إلى تهدئة الأمور وعقد مؤتمر سمي مؤتمر المائدة الستديرة في لندن يخدرون به أعصاب الفلسطينين.