الملك ودبر خطة معاكسة لطرد أبي حنيك واحتال بأن يبلغ أبا حنيك استعداده لتوقيع الحلف وأنَّه بانتظاره في القصر الملكي لتوقيع الحلف المذكور فطار الجنرال فرحًا وسار بلا حرس ولمَّا أن دخل على الملك دخول الظافر وقدم الأوراق لتوقيعها، وبينما هو في غطرسته إذ قام الضباط بالمسدسات مصوبة إلى رأسه ثم إنَّ الملك قدم له كتابًا يقضي بطرده من الجيش العربي وخروجه من البلاد في الصباح الباكر. وهذا مما يدل على نباهة العرب وسعة آرائهم ووفور حيلهم. فالتفت يمنة ويسرة فلم يرَ غير المسدسات مصوبة إلى رأسه، ومن هؤلاء الضباط ضابط يعلق عليه آماله فرآه أعظم أصحابه حماسة فوقع الكتاب القاضي بطرده وخروجه من البلاد في الصباح الباكر ثم أَنَّه أخرج إلى بيته تحت حراسة قوية. أمَّا أصحابه من الإِنكليز فقد كانوا في مدينة الزرقاء يعبون من الخمر التي أسكرت عقوبهم تلك الليلة وقد طلب من الحرس واستعطفهم أن يسمحوا له بالذهاب إلى الزرقاء لحضور حفلة وعد بحضورها وأكّد. غير أنَّهم لم يصغوا إلى توسلاتهم وفي تلك الليلة ذهب الملك إلى وزرائه المجتمعين وطلب منهم التوقيع على طرد كلوب ليصبح قانونيًا. فتردد الوزراء وظنوا أنَّ الملك مازح ولكنه غيرهم في حرم بين التوقيع على أمر الطرد أو على الاستقالة حالًا ولم يسمح لواحد منهم بالخروج من قاعة الاجتماع إلَّا بعد البت في الأمر. وهنا ظهرت لهم الحقيقة فوقعوا الأمر ولمَّا أن كان من الصباح أخرج هذا الصنم إلى مطار عمان تحت الحراسة الشديدة بصحبته غود فري وأم داود. ولم تغن عنه أمواله الطائلة التي أنفقها ولا دسائسه التي أحكم تدبيرها. وهذه الشجاعة وهذا الفلاح نتائج تحالف العرب وتكاتفهم وإن أولئك الرجال استطاعوا أن يباروا أجدادهم الذين حاربوا أجداده الصليبيين.