ساعات دون أن يعود، وهنا مرَّ بهم أحد الرعاة فأخبر الأكبر منهم أنه رأى الإمام مقتولًا هو ورئيس وزرائه وحفيده الذي معه ومرافقه وسائق السيارة على بعد سبعة عشر ميلًا من صنعاء، فأسرعوا بإرسال النبأ بذلك إلى صنعاء، واستقلوا سيارة أخرى من سيارات الإمام إلى مكان الحادث، وهناك وجدوا سيارة الإمام مصابة بأكثر من مائة طلقة، وزجاج السيارة محطمًا من جميع الجهات، ووجدا أن الطلقات صوبت على السيارة من أمامها، ورأوا يحيى مصابًا بأكثر من خمسين رصاصة، وقد انكفأ على وجهه وسقط فوق جثته حفيده، كما رأوا رئيس الوزراء مشوه الوجه مقتولًا بفعل الرصاص، وكذلك شاهدوا المرافق وسائق السيارة مقتولين، وكان عدد كبير من رجال القبائل قد التف حول السيارة، وقد قدموا على صوت طلقات الرصاص.
وقال بعضهم إنه شاهد سيارة تعدو مسرعة بعد سماعه أصوات الطلقات، ويرجح أن القتل حدث بواسطة مدفع رشاش سريع كان في السيارة، وكان ذلك الاغتيال في ٧ ربيع الثاني الموافق ١٧ فبراير، ولم يكد الخبر يصل إلى صنعاء حتى ماج الناس وعمَّ الاضطراب، وقام الجماهير وفكروا سريعًا في الهجوم على قصر السعادة الذي فيه مستودع النقود ومقر العائلة الحاكمة، وسارع سيوف الإسلام الأمراء محسن والحسين ويحيى إلى القصر وهو مقر خزانة أموال الإمام، وهنا كان مدير الأمن العام وهو ضابط عراقي يدعي جمال بك جميل، وقد جمع جنوده وسار بهم إلى القصر لحفظه عن هجوم الجماهير، فما كان من أبناء الإمام إلا أن أمروا الضابط بفك الحصار والعودة مع جنوده من حيث أتوا، وكان يعززهم في هذا حرس القصر، ولكن الضابط رفض وأفهمهم أنه إنما جاء للمحافظة على حياتهم وعلى محتويات القصر خشية الفوضي، فأصرَّ الأمراء على أمرهم وأمروا الحرس بإطلاق النار على الضابط وجنوده، فجرت معركة لم تدم طويلًا قتل فيها الأميران الحسن ومحسن، ثم قام زعيم الحكومة الجديدة عبد الله الوزير ينظم شؤونه، وجدد تعين مدير الأمن العام مستشرفًا