للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالبرق الخاطف، وكان لما أن زحف هتلر على النمسا وضمها إليه وأعلن اتحادها مع ألمانيا وذلك في مارس ١٩٣٨ م، لم تنبس هذه المرة عصبة الأمم ببنت شفة، وبدأ النازيون في النمسا في شن حملة إرهابية عنيفة استمرت مشكلة الألمان تشغل بال أوربا عدة أشهر، وقد صرح تشمبر لن رئيس الوزارة البريطانية بأن إنكلترا لن تتدخل لإنقاذ النمسا، ولما ضمت ألمانيا النمسا اعتقد كثير من الناس أن دور غزوهم لتشيكوسلوفاكيا آن أوانه ولا سيما وقد ذهلت أوربا عندما رأت انتصار ألمانيا في النمسا.

وكانت تشيكوسلوفاكيا أكثر بلاد أوربا ذهولًا إذ أنها أصبحت الآن محاطة من ثلاث جهات بألمانيا النازية، وكان مركز هذه الدولة من الناحية الدولية قويًا جدًا، فقد كانت دولة صناعية متقدمة وتملك جيشًا قويًا مدربًا، وترتبط بمحالفات مع فرنسا والاتحاد السوفييتي، كما كان الفروض في إنكلترا أن تقف إلى جانبها في حالة دخولها في نزاع مسلح، ولما كانت هذه الدولة الوحيدة الباقية في وسط أوربا موضع عطف الديمقراطيين في جميع أنحاء العالم بما فيهم أمريكا، وأصبح كيان الدولة نفسها في خطر لما ظهر واضحًا أن هدف هتلر هو القضاء عليها لأنها كانت بمثابة شوكة في ظهره، فإن السياسة الإنكليزية قد شجعت هتلر في عدوانه عليها متظاهرة أنها إنما تسعى إلى إيجاد حل سلمي، لذلك أرسلت الحكومة البريطانية اللورد نسمان كوسيط، ولكنه في الواقع كان يضغط بصورة مستمرة على الحكومة التشيكية لقبول طلبات ألمانيا، وأخيرًا قبل التشيكيون اقتراحاته برغم ضررها الكبير لهم، ولكنهم ما كادوا يقبلونها حتى طلبت ألمانيا منهم طلبات جديدة، ولم يكتفوا بذلك بل أعلنوا التعبئة العامة، وعندئذٍ ذهب المستر تشمبرلن بنفسه وقابل هتلر في بن ختسجادن، وهناك قبل إنذاره الذي طلب به تسليم مساحات واسعة من تشيكوسلوفاكيا بأن تقبل إنذار هتلر وشروطه وإلا تخليًا عنها كليًا؛ ولما سمع الشعب التشيكي بهذه الخيانة أصيب بصدمة عنيفة أذهلته، وإضطرت الحكومة أن تقبل الإنذار والحزن