وحدثت حماسة وكان الذين يؤيدون ذلك ٥٢ في المائة و ٤٨ مخوفون، وآخر ذلك خضع البقية وإن كانوا مرغمين، فأصبح الألمان يستطيعون التنفس بحرية مرة أخرى، ويشعرون أن الإهانة التي لحقتهم قد غسلت، وقد أحدث طرد اليهود واضطهادهم هزة عنيفة في أوربا وأمريكا بصفة أن المطرودين رجالًا اشتهروا في جميع أنحاء العالم بالعلم والطب والمحامات والكتابة والموسيقى، ومنهم من يعتبر ألمانيا وطنًا لهم، وتسابق العالم إلى الترحيب بهم، وقد أعلنت اليهود العالمية المنتشرة في جميع أنحاء العالم مقاطعتهم للبضائع الألمانية والمواد والمنتجات، وكل عمل يعود على مساعدة ألمانيا، وذلك بمجلس عقد في نيويورك، وقد ساعدت خطابات هتلر النازية وتهديده بإعادة تسليح ألمانيا على إخافة أوربا، وتكتلت دول أوربا لما خشيت قوة ألمانيا، وبدأت كفرنسا تتودد إلى الاتحاد السوفييتي كبولندا وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا ورومانيا، وطفقت يتقرب بعضها من بعض، وذلك لما استفادته من معاهدة فرساي التي قام هتلر بنقضها.
ولما أن احتلت ألمانيا حوض السار في يناير ١٩٢٥ م على أثر الاستفتاء الذي أجري هناك، ونقض هتلر شروط عدم التسلح وغير ذلك خافت فرنسا وفزعت، أما انكترا فقد قبلت هذه الأعمال ولم تكتف بذلك، بل زادت عليها بأن وقعت معاهدة سرية بحرية مع ألمانيا تعبتر هذه المعاهدة بحد ذاتها نقضًا لمعاهدة فرساي، وهكذا نرى أن إنكلترا تجاهلت معاهدة الصلح، ومن العجب أنها عملت كل ذلك دون أن تستشير حليفتها فرنسا في الوقت الذي كانت فيه ألمانيا تتسلح بشكل أفزع كل أوربا، وكان هتلر يعتمد على مناصرة إيطاليا، وكان عداءه لروسيا مع تصريح صرح به أن من أكبر الكوارث أن تتخلى إنكلترا عن استعمارها للهند، مما يحسن الصلات بينه وبين إنكلترا ويجذبها نحوه، ولكن ماذا تصنع إنكلترا وقد أفزعها الإرهاب في ألمانيا، ومما قال هتلر في خطاب له في نورمبرج عام ١٩٣٧ م:
إذا أردت مهاجمة خصمي فإنني لا ألجأ للمفاوضة واضاعة الوقت، وقضاء عدة أشهر فيهما ولكنني أعمل ما علمته دائمًا أخرج في جنح الظلام وأنقض عليه