ومن رعى غنمًا في أرضٍ مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد
وما زال الأجانب في كثرة حتى كانوا في عواصم المملكة أكثر من السكان بنسبة ثمانين في المائة، فكنت ترى في الجوامع وقت الصلاة من الذين يصلون الجمعة ما ذكرنا، وقليل المواطنين من بينهم، وهم وإن كانوا أجانب فكانوا يتقدمون ولا يلتزمون الآداب، كأهم أهل الوطن ونحن الأجانب، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه منذ ست وستين سنة لا يوجد أجنبي في مدينة بريدة سوى أنه جاء طبيب يسمى ديم فلبس لباس البيئة قميص وشماغ وقباء ومشلح لئلا يستنكر، وفي يومنا هذا نرى ما آلت الأحوال، فسبحان المتصرف في خلقه على وفق مراده، وهذا مصداق ما أخبر به الهادي الذي لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم - في قوله:"إذا أمّن الخائن وخوّن الأمين، وساد كل قبيلةٍ منافقوها، وكان زعيم القوم أرذلهم، فانتظر الساعة، إن الساعة علمها عند الله"، وقد وردت إماراتها في الأحاديث الصحيحة، وجدت أشراط الساعة الصغار والمتوسطة، ولم يبقَ إلا الكبار، فنسأل الله الثبات على دينه والتمسك بهدي رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن نلقاه، وإن لمن المؤسف أن تأتي الفتن بدقيق نصها، فالموفق من تأتيه منيته وهو يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر، وقد كانت المؤنة في هذه السنة شديدة كالأعوام قبلها، فكان برميل الغاز للوقود حجم خمسين في ثمانية وعشرين، ومقاس ٢٥ في ١٤ ريال، وبرميل الديزل الكبير في ٧٠٠٠ ريال، وكان الذين جعلوا سياراتهم على الديزل قد ندموا لغلائه، كما أن قيم البنزين والكهرباء والهاتف وعدادات المساكن قد بلغت كاية في الغلاء، وقد تأخرت الزراعة وألقيت المحوريات في العراء، وكادت الزراعة إن استمر ذلك أن تتعطل.
وفي هذه السنة كثرت السرقات في القصيم وذلك لضعف الإمارة فيها، وقد ذكرنا ذلك ما جرى في عام ١٣٧٦ هـ من عدم الأمن على الأموال.
وفيها ولدت طفلة حامل، وبعدما أجريت لها العمليات تقرر لدى الأطباء أن أمها حملت بتوأمين فكان أحدهما في بطن الآخر، وكان ذلك الفحص بعدما كان لها من العمر ستة شهور، والله على كل شيء قدير.