أما العساكر فقد تفرقوا شذر مذر ومات بعضهم من الوباء وغالبهم قام عليهم أهالي القصيم يصطادونهم ويذبحونهم حتى جرت مواضع السانية من دمائهم لأنهم كانوا يختفون بها فينحرون هناك فهذا جرى من ذكر هذه الواقعات، ولم يجري في القصيم مثلها، ومما قال الشيخ سليمان بن سحمان قدس الله روحه في ذكر مقات صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن، وأن ذكره فيها يستحق أن يشكر ويخلد مجده بين الأنام ولا ينكر، كيف لا وقد دافع الله بفتوحاته البلاء عن العالمين ونصر الله بطلعته سنة سيد الأولين والآخرين، فجزاه خيرًا عن الإسلام والمسلمين:
لقد منّ مولانا وأفضل وارتضا ... لنا ملكًا منا سمى المناقب
فشام المعالي وارتضاها وأمها ... بهمته العليا وجرد شوازب
وبيضٌ قواض يختلي الهام حدها ... وقود الهجان اليعملات النجائب
فتأهمه العليا وشأو مرامها ... فأمٌ إلى هاماتها والغوارب
فتًا ليس يثني همه ومرامه ... طوال العوالي أو طوال السياسب
يخوض عباب الموت والموت ناقع ... إذا استعرت نار الوغى في الكتائب
ويركب هول الخطب والخطب معظل ... وقد هابه شوس الملوك المصاعب
يرد لهام الجيش وهو عرمرم ... ويحطمه بالمرهفات السواكب
لقد فات أبناء الزمان وفاقهم ... بنيل المعالي الساميات المراتب
وجودٌ وإقدام إذا احتنك الفضا ... وضاق مجال الصافنات السلاهب
وأحجم أهلولها بيوم عصبصب ... به النقع بسمو كارتكاب السحائب
هنالك لا تلقاه إلا كضيغمٍ ... هزبر أبي شبلين حجز المخالب
ترى جثث الأبطال صرعى بغابه ... تراوحها الأشبال من كل ساغب
كذا الملك الشهم الهمام فإنما ... كماة العدى جزر له بالقواضب
ترى عافيات الطير يعصبن فوقه ... لتحضى بأشلاء العدو المشاغب
ويتبعه غرث السباع لعلها ... تروح بطانًا من لحوم المحارب
وقد وثقت أن لا تعود خوامصا ... وأن لها جزر كمات الكتائب