بغير ذلك، وهذه الجلسة وقت الصباح، فلما كان في الليلة الآتية بعد العشاء الآخرة حصلت أيضًا جلسة أخرى خصوصية، وكان ما بين الجلستين فترة كافية لتوبيخ رئيس الوفد وهو طالب النقيب.
ولم يحضر هذه الجلسة سوى رجال الوفد فأطلعهم عبد العزيز قبل افتتاح المفاوضة على كتاب مبارك، فكانت ضحكة طالما أضحكتهم، ثم باشر والمفاوضات الولائية، فطلب الوفد أن يكون للدولة معتمدون في القطيف وفي الحساء، غير أن ابن سعود أبى ذلك وطلب أن تكون العلاقات ولائية فقط وأن تساعده الدولة لقاء هذا الولاء بالأسلحة والذخيرة والمال، وبعد التي والتيا قبل الوفد بذلك وقرروا أن يصل هذا الاتفاق سرًا إلى أن يقره الباب العالي.
ثم عاد رجال الوفد إلى الكويت فأحسن مبارك استقبالهم وسألهم عما جرى فأخبروه بما فاقه ابن سعود في الجلسة الأولى، فقال مبارك: نصحتكم فما انتصحتم، قلت لكم أن الرجل سفيه عيار ولا يملك قيادة أحد غيري، وفي هاتين الكلمتين بشاعة وانتقاص, لأن السفيه الجاهل والعيار من لا يزجره نفسه عن ركوب هواه.
ثم بعد يومين صنع عبد الوهاب آل قرطاس مأدبة في البصرة للوفد حضرها الوالي شفيق كمالي باشا، والأمير خزعل، والأمير مبارك، فصار الحديث في الوفد وابن سعود، فتكلم مبارك يخاطب الوالي: ألم أقل لكم أنكم لا تفلحون إلا إذا انتدبتموني أنا للتوسط بينكم وبين ابن سعود، وما طلبت ذلك منكم والله إلا لأمرين:
أولًا: لكي أقوم بخدمة للحكومة العثمانية.
ثانيًا: لكي أستر على ابن سعود لأن السفيه لا يعقل ما يقول.
فأجاب الوالي قائلًا: رأيك هو الصواب ولكن الأمر قد انفرط ما تقول أنت يا طالب، فأجابه طالب: أقول ما قاله الشيخ مبارك: فلو كان حضرته معنا لما فشلنا.
فلما كان بعد أسبوع جاء من الباب العالي إلى والي البصرة برقيه فيها