للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى من فيها حتى أن عبدًا من العتاريس دنا من إحداها بعد أن جال حولها كأنها فارس من الفرسان فتمسك بها وصعد إلى سطحها يدس مسدسه على من فيها، فأصيب وهو هناك برصاصة وهوى إلى الأرض، أثابه الله وأعظم له الأجر والثواب، وظل الإخوان يعاركون هذه المصفحات حتى أبطلوا رشاشاتها، فصار الجنود داخلها يطلقون الرصاص من مسدساتهم، وقد أصيب بعضهم برصاص الإخوان الذي يدخل من الكوى وجرح جراحًا بليغًا اثنان من السواق الروس، فتراجعت المصفحات وقد تمزقت وتكسرت جوانب بعضها، وسارع أهل الغطغط والعارض إلى النجدة لإخوانهم فخاضوا معركة دامت ساعتين في أشد حال، ثم ساعتين في قتال متقطع حتى انتهت الساعة الثالثة بعد الظهر برجوع الجنود الحجازية والمصفحات إلى داخل الأسلاك، ورجوع الإخوان إلى مراكزهم، أما من بقى في ساحة القتال وهم القتلى فلا يقل عددهم عن ثلاثمائة قتيل على التحقيق، أما التخمين، فإن أهل الحجاز يقولون في التقرير أن خسارة العدو بين قتيل وجريح أكثر من مائتين، وخسر جيشنا خمسة عشر قتيلًا وأصيب خمسون، والنجديون يقولون في التقرير الرسمي، قد تحقق أن خسارة العدو كانت في الأقل ثلاثمائة وعشرين قتيلًا بدليل بنداقهم التي غنمها جيشنا وأحضروها إلى المعسكر العام، أما خسائرنا فقد كانت خمسة قتلى وخمسة جرحى فقط، وانتهت وقعة المصفحات هذه بعدم فوز أهلها، ولم ينجح لهم عمل لا بقطع المدد، ولا قابلت بسالة الإخوان وشدة بأسهم، بل قلت ذخيرتها ونفد الماء الذي فيها، فرجعت خائبة مدحورة وقضت عليها وعلى أهلها هذه الوقعة بالعجز والضعف.

ثم بعد ذلك سكنت المتحركات وخمدت نار الحرب بين الفريقين وخف ضرب المدافع وقل الهجوم في الليل إكرامًا لرمضان، فكان فيه شبه هدنة تبعها في شوال مناوشات في الليالي الظلمة، ومع أنه كان قد شاع في جدة أن المعركة الفاصلة ستكون في شوال، وقد ولى شوال والتقارير الرسمية تقول: سكون تام على الخط، ثم استأنف القتال في الشمال.