وشجاعته فأصدمت في المجلس الحميتان العربية والتركية، فقال سامي يخاطب ابن سعود مرغيًا مزبدًا: إن أهل القصيم يريدون أن تكون السيادة في بلادهم للدولة، فأجابه ابن سعود الذي ما كان ليراعي جانبًا قائلًا: ليس لأهل القصيم رأي في الأمر فهم من أتباعي، فبادر سامي باشا بقوله: إن التابعية تقتضي الحماية وأنت لا تستطيع أن تحميهم ولا ابن رشيد، فأجابه ابن سعود قائلًا: وهل حمتهم الدولة، ثم تمثل بهذا البيت:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ومع ذلك فهؤلاء زعماء القصيم في مجلسك أسألهم يجيبوك، فتكلم إذ ذاك أحدهم قائلًا: إن صالح الحسن افترى عليهم وأنه لا يمثلهم بشيء ولا يرضون عن غير ابن سعود بديلًا، فتكلم سامي قائلًا إنكم تجهلون صالحكم وتتوهمون حقوقًا ليس حقوقكم، ما جئنا نسترضيكم ولا نستغويكم، جئنا نعلمكم الإخلاص والطاعة للدولة العلية، ولا معلم اليوم غير السيف، فقال عبد العزيز بن عبد الرحمن: إني آسف على ما بدا منك، بل آسف لأن وكلت الدولة أمورها إلى مثلك، ما كان العرب يا سامي ليطيعوا صاغرين لا ولله ولولا أنك ضيف عندنا لما قمت من مكانك هذا، فقاما من المجلس وافترقا بعد ذلك العنف، ولكن سامي باشا أرسل رسولًا اسمه دياب أبو بكر بعد إذن إلى ابن سعود يقول: يسلم عليك الباشا ويقول أن الدولة تدفع لك عشرين ألف ليرة ومخصصات سنوية إذا كنت تعترف بسيادتها على القصيم.
فلما سمع ابن سعود هذا الكلام غضب وعمد إلى سيفه قائلًا: أتتجاسر يا خبيث أن تحمل إلينا مثل هذه الرسالة، ألم يردعك شمم العرب، ومتى كان ابن سعود يقبل الرشوة فيبيع بلاده ورعيته ممن يريدون استرقاقها، لا أدنس سيفي بدمك يا خبيث، ولكن لا أرد عنك سيفًا بيد سواي، (١) فبادر الرسول إلى ذلوله
(١) لما قال ابن سعود تلك المقالة، وقف إبراهيم بن علي الرشودي وكان من زعماء بريدة، فقال لابن سعود لا تقتله يا طويل العمر فإنه ينجس السلاح، وقد قيل أن الدولة العثمانية حقدت على صاحب تلك المقالة.