الطائف ومن الموسم إلى جدة ما يزيد عن ألفي مدرسة ونثر المال على المعلمين والمتعلمين وبنى المدارس والمساجد واشترى الكتب والمصاحف وطبع بعض الرسائل النافعة على نفقته لتوزيعها عليهم وعين في كل جهة وكيلًا يراقب سير هذه المدارس ويوزع عليهم الرواتب وقد كان يشتري السيارات للمراقبين المتجولين وكان قبل ذلك يشرف بنفسه ممتطيًا الحمر. وقد حدثني الأخ الشَّيخ عبد الرحمن بنْ عبد الله بن طرباق وكان تولى الإِرشاد هناك في ضمن الذين بعثتهم الحكومة ثم تولى القضاء في إحدى مدن تلك الجهات قال: كان الشَّيخ يتجول على مدارسه ويتفقدها ويشرف عليها ممتطيًا الحمر ولا يمل الصعود والنزول في تلك الجبال حتَّى تكسرت حوافر الحمر ودبرت ظهورها أي أصابها دبر من كثرة الذهاب والإِياب، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا. وسيجد هذه الدعوة في ميزان حسناته. وجميع هذه المصروفات باشتراك مندوب من وزارة المالية وكان من ثمرة هذه النهضة أن قام عدد من المتعلمين بمؤازرة القرعاوي ومنهم من تولى القضاء والوعظ والإِرشاد ومنهم أئمة مساجد ومنهم رؤساء هيئات وكتاب محاكم. فقام أناس ضده يقولون: لا يمكن تصور هذا وكيف يزيد المعلمون عن ثلاثة آلاف والمتعلمون عن ستِّين ألفًا وأن هذا ليس بمعقول. وكثر القيل والقال وهذا البلاء قديم وجوده وهو الوقيعة وتشويه السمعة فرأت الحكومة بعث هيئة للكشف عن هذه الحقائق والنظر في تلك المشاكل وأقول أنا بصفتي أحسن الظن بالشَّيخ القرعاوي وأقدر أعماله وانظر إليها بعين الاحترام والتشجيع: أنَّه يستحق الشكر على أعماله التي قام بها وألوم الذين قاموا ضده وذلك نظرًا إلى ما يتطلبه الموقف من النفقات والأجور والخسائر، وكنت أظن أنَّ الهيئة بررت موقفه وظهرت فضائله والعاقبة للمتقين. وستأتي ترجمته في سنة وفاته إن شاء الله تعالى.