فاعلموا بأني زاحف بنفسي إليكم بعد ثلاثة أشهر، فقام الوفد من عنده قائلين سنعرض الأمر على صاحب الأمر فإذا قبل كان خيرًا وإلا فأنت بريء الذمة.
وبعد أن عاد الوفد بالكتاب رفضت تلك الشروط ولم يعمل بها وخرج ابن طوالة غازيًا بعض قبائل ابن سعود في مكان تريب من حائل على مسافة خمس ساعات منها بمسير الجمال ولكنه لم يعد من تلك الغزوة سالمًا بل أخذه الله فمات ولم يحصل على طائل وحدثت بين المحاصرين والمرابطين مناوشات ومصادمات في جهة حائل، ثم أنه استدعا جلالة الملك باخيه محمد ووحد القيادة تحت إمرة نجله سعود فعاد محمد إلى أخيه الملك واشتد الحصار بحائل وانقطعت السبل عنها لأنه حاصرها سعود شهرين، غير أنه لم يكن النجاح في الأمر زائدًا على من تقدمه، وقد لاح في حائل شبح المجاعة المخيف، هذا والأمير عبد الله بن متعب قد عزم على الدفاع حتى النفس الأخير، ولكنه رمي بطامة كبرى لم تكن في الحسبان وهي أنه قدم محمد بن طلال ابن عم الأمير وأخو قاتل عمه، وكان قدومه من الجوف بالدفاع عن قومه ووطنه فلما قدم محمد بن طلال أوجس في نفسه خيفة الأمير عبد الله لأنه لا يأمنه أن يفعل مثل أخيه توصلًا إلى الإمارة ولو في ذلك الوقت العصيب فوقع عبد الله بن متعب بين نارين نار في الخارج محيطة به ونار كامنة في جوفه لا يعلم متى يمنه لهيبها فتلتهمه، فالمسألة الآن مسألة موت أو حياة ولا يدري أيدافع خصمه عن بلاده، أم يدافع ابن عمه الأدنى عن حياته.
وبما أن الحياة لديه أعز من الأمارة لأن سنه لا يتجاوز عشرين سنة فقد التجأ إلى الخصم لأن وجود السلامة عنده أيسر، ففر إلى سعود بن عبد العزيز وألقى نفسه عليه فرحب به وأخذه إلى الرياض غنيمة باردة ورجع به في شهر ذي الحجة من هذه السنة فرجع سعود بن عبد العزيز بعد حصاره لحائل بأميرها الشاب عبد الله بن متعب آل رشيد وبسمت الرياض لطلائع النصر في الحرب ولبشائر الفوز بالظفر، وكان رجوع القائد سعود بن عبد العزيز من حائل امتثالًا لأوامر والده لأنه عاد من القصيم إلى العاصمة وأمر نجله سعودًا بالرجوع من الجبل لأنه فقد هناك بسبب القيظ وقلة المرعى عددًا كبيرًا من رواحله.