للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العينين براقهما جذاب الملامح، طويل الوجه، ذا لحية صغيرة، وخطها الشيب، ويغلب عليه التواضع، وتزينه المهابة والوقار، يفضل اللين على الشدة، ويحرص على استمالة خصومه، ويأبى أخذهم بالقسوة، ويميل إلى الصبر، ويحب الأسفار وكثرة الحركة والتجول، أضف إلى ذلك جودًا وكرمًا؛ وقد سافر لزيارة أوربا ثماني مرات، وزار أنقرة وحل ضيفًا على الغازي مصطفى كمال، وزار فلسطين ومصر وشرقي الأردن، وكان لما بلغ ست سنين أرسله والده إلى قرية رحاب ليتطبع بطابع البداوة، وينشأ على الكر والفر ويركب الخيل والإبل، فلبث ست سنين ثم بعث إلى مكة، وجيء له بمعلمين، غير أنه لم يطل مقامه فيها بل غادرها إلى الأستانة في رفقة والده بعد إقامته سنتين، ولما تولى والده إمارة مكة عاد إلى الحجاز وظهرت رجولته ومواهبه فأدناه والده وولاه قيادة السرايا، وكلان موفقًا وشجاعًا فأحبته العرب، والعرب تحب الشجاعة، وقد مرَّ بقية ترجمته في كتابنا هذا.

ولما توفاه الله تعالى وقابل رجال الدولة المتقدم ذكرهم نجله الأمير غازي وجدوه يذرف منه الدمع سخينًا فعزوه، ثم طلبوا إليه أن يقسم اليمين الدستوري "وهذه اليمين يقسمها الملك أمام مجلس النواب والأعيان للمحافظة على الدستور واستقلال البلاد والإخلاص للوطن" وبعدما أقسمها أعلن رئيس الوزراء تتويجه ملكًا على العراق وأطلقت حينئذ المدافع مائة طلقة وطلقة إيذانًا بجلوس الملك الجديد، ثم أذيع البلاغ الرسمي الآتي:

جرى تحليف سمو ولي العهد في الساعة ١٠ من هذا اليوم ١٩ جمادى الأولى ١٣٥٢ هـ و ٨ سبتمبر أيلول ١٩٣٣ م، وفقًا للمادة الحادية والعشرين من القانون الأساسي الدستوري، وأصبح متوجًا ملكًا على العراق باسم الملك غازي الأول بن الملك فيصل الأول، وكانت ولادة غازي في مكة المكرمة حينما كان والده يقود حملة أبها لتأديب السيد محمد بن علي الإدريسي في عسير فسمي غازي تيمنًا بغزو أبيه.