ولم أن جاء هذا الاستفصال من يحيى كان الجواب من ابن سعود أن نعم والباعث لذلك أنه حديث عدة أمر للريبة، فرأينا الواجب يقضي بالاستعداد لها، في كلام طويل، وذكر أنه لا بد من ثلاثة أمور:
الأول: الاعتراف بالحدود، والثاني: إعادة الأدارسة، والثالث: مسألة نجران، فإن تم الاتفاق بيننا وبين حضرتكم فذاك ونتفق بعده المعاهدة وإلا فلا، ثم تراجع الكلام بينهما، وقال ابن سعود في جوابه: يعلم الأخ أنه لنا عدة سنوات ونحن وهو نتبادل إرسال الرسل لحل المشاكل، ولم تغن الوفود شيئًا، وتعلمون أن المسألة متعلقة بشخصكم وبشخصنا، ولا يمكن أن تحل عاجلًا وآجلًا إلّا بما نتفق عليه بيننا بأشخاصنا إن شاء الله، وتطويل الأمر ليس منه أي فائدة بل بالعكس فإن التطويل يزيد في تعقيد الأمور ويزيد في المشاكل، والذي نقترحه ونراه الأصلح، ولا نرى سبيلًا لحل المشكل بدونه، وهو البت في المواد الثلاث التي عرفناكم بها، فلا يستقيم الأمر إلّا بذلك، فإن وافق الأخ على ذلك وأعطانا عليه الجواب الذي نثق بالله ثم به، فتقديم الوفد منا أو منكم سهل لتسوية الأحوال في أي مكان يكون، ثم إنها ما زالت المراجعات مستمرة بين الطرفين وكلها برفق ولين، وطلب يحيى من ابن سعود أن يتفضل في منع رؤساء أجناده عن تجاوز الحدود التي فيها محطاتهم وهم فيها، وقال تفضلوا أكدوا على أمير جيزان ليترك التجاوز والتهديد لأهل المخالف، فإنهم غاية من الخوف وهم على وشك النفور، وأطال في الكلام، فأجابه ابن سعود بجواب حسن لائق أكد فيه ثلاثة الأمور المطلوبة منه، وأنه لا يليق إعادة الجنود عن رباطاتهم بعد حشدهم وجميع قواتهم خوفًا من التقلب بعدما يرجعون، وذكر أن جميع رعاياه وأهل أطرافه لا يحبون الفتن، وقال بعد كلام: والحقيقة أنه كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" ثم حصلت مراجعات أقرَّ بها يحيى من كون مسألة الأدارسة والحدود قد انحلتا، فشكره جلالة الملك