أيام ودار الحديث بشأن الفاجرة فيما بينهم، فمن قائل: تمنعها السواقي، ومن قائل: تمنعها الحفر التي في طريقها فلا تأتي، حتى أقسم من بينهم رجل جريء بأن لا تجري في الخبيب بعدما جرت من قديم، فما كان سوى خمسة أيام حتى صنع الله ذلك الأمر والله على كل شيء قدير.
وكان القاضي فضيلة الشيخ عمر بن محمد بن سليم قد سافر إلى الرياض بدعوة من الملك عبد العزيز لبعض الأمور الهامة فلم يشعر أمام جلالة الملك إلا وهو يحدث الملك بهذه الحادثة التي لم يعلم بها لكونها بعد سفره، وأخبره بأنها هدمت المستشفى في بريدة مبشرًا له بهطول الأمطار هناك، وإن المستشفى لا يظن به أمام السيول، وذلك المستشفى المشار إليه كان عبارة عن موضعين في الخبيب يفصل بينهما الشارع العمومي قد جلبت الحكومة إليه أطباء ماهرين في السنة الماضية من ضمنهم محمد علي الطباع، كان جراحًا له في القصيم أحسن الأثر في أعماله، وآخر يدعى الشواف يعالج في البصر ويلتحق بهما مساعدون وفراشون وخدم، وقد أعيد بعد ذلك المستشفى وأبعد عن مواقع الخطر، غير أنه فقد أولئك المهرة وخلفهم أناس أقل منهم.
وفيها جعل الملك عبد العزيز في قضاء عنيزة محمد بن عبد الله بن حسين أبا الخيل، فسار إلى البلد وباشر مهمته فيها، وكان يروم معالي الأمور ويريد من الأمة بها القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غير أنه لما لم تساعده الظروف استقال من وظيفته وحصلت له العافية، ثم إنه جعل جلالة الملك على قضاء عنيزة فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عودان من أهالي الجنوب، ولما أن قدمها استطاع بسياسته ولين عريكته أن يتحبب إلى الأهالي ويسودهم بعقله وعلمه، واستمر في القضاء، وقد أكمل المسجد الجامع في عنيزة وتمت العمارة في هذه السنة.
وفيها بعث الملك عبد العزيز مساعدات للمزارعين على طريق القرض ذهبًا وقمحًا لكل كيس من القمح ثلاثون ريالًا، فانتعش المزارعون فجعلت هيئة