للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكيف يطيب العيش من بعد شيخنا ... وكيف لنا نستمتعن بالحلائل

فيا عين جودي من الدمع واسكي ... دموعًا غزارًا كالسحاب الهواطل

وبعد الدموع بالدماء فبادري ... وبعد الدما نفسٌ تفيض بعاجل

كذاك السماء تبكي على كل مؤمنٍ ... برفع أعمال من صعود ونازل

وقد أصلحنا ما تكسر من هذه الأبيات وحذفنا أول القصيدة وآخرها لعدم الاستقامة، ولما كان بعد وفاة الشيخ الفاضل عمر بن محمد بن سليم جاء إلى الشيخ المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ أحد تلامذته يحمل إليه نبأ وفاة قاضي بريدة الشيخ عمر بن محمد، فاسترجع الشيخ محمد، وبعد قليل قال له ذلك التلميذ: وأيضًا توفى فلان لكاتب من كتاب الدوائر، فتنفس الشيخ محمد الصعداء وأمر أحد بنيه أن يكتب هذه الأبيات رثاء للشيخ عمر رحمه الله تعالى:

إن المصيبة حقًا فقدنا عمرًا ... أعظم بميتته رزء بنا كبرًا

قطب القصيم وما دون القصيم وما ... خلف القصيم وما جرى القصيم جرا

عليه دار الهدى والحق بيته ... كان الحياة وكان السمع والبصرا

ارزقه يا ربنا عفوًا ومغفرةً ... واجبر مصيبتنا يا خير من جبرا

وقد رثاه الشيخ عثمان بن أحمد بن بشر وغيره بمراثي كثيرة تركناها لأن غالبها لم يتزن، ونكتفي بما تقدم، ودفن في المقبرة الجنوبية، وقد خلف أموالًا كثيرة من أراضي وضيعات ونحوها.

ولما توفى الشيخ عمر وانتقل إلى رحمة الله اجتمع الأعيان والرؤساء وطفقوا يبحثون في مسألة قضاء بريدة ومن يكون خلفًا للشيخ، ومن يصلح لذلك، ومن لا يصلح، حتى وقع السهم على الشيخ محمد بن مقبل قاضي البكيرية بصفته عالمًا عاقلًا ذا أصل ودين وبصيرة، وذا تجربة، غير أنه كان كبير السن ويشق عليه تحمل أعباء المسألة، ورفعوا إلى صاحب الجلالة يطلبون تنصيبه وأنهم يرتضونه، فبعث إليه الملك عبد العزيز أمرًا بأن يقوم بقضاء بريدة، وأعلمهم بذلك فذهب الأعيان إليه مباشرةً يستحثونه على القدوم فاعتذر بكبر السن ورقة العظم، وبكى أمامهم