للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مكة، ولما حرص على الاجتماع بركوب البحر وتطع مئات الأميال برًا وبحرًا إنه حرص على الاجتماع بقطبي الديمقراطية ليعرفهما حقيقة العرب والمسلمين إذ ليس هناك من هو أحق بتمثيل العرب من جلالة الملك عبد العزيز بن سعود، إن ابن سعود بينه وبين بريطانيا معاهدات صداقة وولاء لا يمكن بحال من الأحوال أن يستدبر بعض ما فيها أو يتنكر لها عند المحن والشدائد، فقد ضل وفيًا لها في رخائها وشدائدها لذلك فإنه وقف في هذه الحرب الكبرى الثانية في الحياد ولم يدخل في الحرب إلا لإرضائها.

أما علاقته بأمريكا الديمقراطية فهي صداقة لما استمنحت لبض شركاتها امتيازًا في أرضه وحافظت على العهود والمواثيق، وتقربت منه وتزلفت طلبًا لمودته الغالية، استقبلها بترحاب وسرور وبسط لها جناحه وأخذت الصداقة كل يوم تنمو لأن كلا الفريقين ينميها بالإخلاص والمزاورة وتبادل النفع والتجارة، ولقد جاء كثير من أقطاب بريطانيا إلى بلاد ابن سعود وزاروه في دياره فأعجبوا به أيما إعجاب وصادقوه، بل زراه خال ملك الإنكليز وزوجته وذهبا يبشران العالم بعظمته وعبقريته وكرمه ونبله وأصالة طبعه ومتانة أخلاقه وصدق زعامته ومؤهلاته.

وقد كثرت الكتب المؤلفة باللغة الإنكليزية الدالة على حفاوة البريطانيين بهذا الملك العظيم الذي يشترك في تقديره المسلم وغير المسلم، والعربي وغير العربي، والشرقي وغير الشرقي، ثم جاء كثير من الأمريكيين إلى المملكة السعودية فقابلوه في الرياض وغيره وأعجبوا بشخصيته إعجابًا لا حد له سموًا وحيوية ونبوغًا وعبقرية وعظمة وخلائق لا يوهبها إلا الزعماء الذين يخلقون لنقل الأمم من حال إلى حال.

وقد حرص الحلفاء في هذه الحرب على الأخص أن يبرهنوا لابن سعود على إخلاصهم له وحبهم إياه وتقديرهم له، ولقد بعث هو نجليه فيصلًا وخالدًا إلى أمريكا وبريطانيا لزيارة قطي الديمقراطية الكبيرين روزفلت وتشرشل، فاستقبلا هناك استقبالًا عظيمًا فخمًا في السنتين اللتين قبل هذه، كما قد زار الملك فاروق