ولقد بهت تشرشل من ضخامة أمر ابن سعود وتكلم قائلًا له: إني سأعتز بهذا دائمًا لا لقيمته، لكنه تذكار لهذا الاجتماع، وقام مدهوشًا ليأتي بهديته له، فجاء مقبلًا ومعه صندوقان من العطر الشذي المستحضر من أحسن الخلاصات العطرية، وبكل صندوق ست زجاجات وقدمهما هدية إلى الملك ابن سعود فتقبلهما منه شاكرًا، وكانت هدية ابن سعود لتشرشل سيفًا عربيًا وخنجرًا فاخرين مطعمين بالذهب، مرصعين بالأحجار الكريمة، منقوشين بنقوش فنية جميلة، وقدم له ملابس عربية ممتازة وعباءة ثمينة جدًا في حقيبة من الجلد، وأهدى ابن سعود أيضًا للمستر أيدن سيفًا كالسيف الذي أهداه لتشرشل، وقدم إلى صحبه مجموعات كثيرة من الملابس العربية.
وختمت الجلسة بين ملك العرب وبين تشرشل بالود والصفا والوداع الحار.
وقد قلنا أبياتًا بمناسبة تلك السفرة التي في وقت لم تضع الحرب فيها أوزارها:
فيا مخبرًا أبشر وأنعم بعودة ... يعودبها من سعيه وهو غانم
لعلك تحظى بالسعادة والهنا ... لتكشف هما للقلوب يلازم
وكيف يطيب النوم من كل ذاهلٍ ... وكيف يطيق الصبر حيران هائم
إذا كان فخر العرب عنا مباعدًا ... وما علمنا في حاله كيف قادم
فيا حافظًا ذا النون في بطن حوته ... ومخرجه مما حوته الظلائم
تفضل علينا بالأياب لعاهلٍ ... بما شاء من آماله وهو سالم
تقر لنا عينٌ تسح بذرفها ... أحاط بهامن قارعاتٍ عظائم
فمن مثلنا يا صاح في فقد عاهل ... لمفقده أمسى ينوح الحمائم
أليس الذي أمسى لأمة يعربٍ ... زعيمًا عظيمًا سده متراكم
يدافع عنها جهده غير وانئ ... بتقديم نفسٍ مقدمًا وهو حازم
فسائل لأمريكا وسائل للندنٍ ... سينبيك عن أخباره من أعاظم
فتى همه يجلي عن العرب نكبةً ... إذاسامها سوء العذاب الأظالم
هلموا بنا يا قوم ندعو لربنا ... يغيث به البلدان إن رام هاشم
ومن نتائج هذا الاجتماع إعلان ابن سعود الحرب على ألمانيا كما تقدم، وكان