والمحلة الكبرى، وإصلاحية الأحداث، وزار الاسكندرية، كما أن جلالته استعرض الجيش المصري الباسل وأبدى اعجابه بكل ما رأى وسمع، ولقد أحصي ما أنفق فاروق لمأدبة جلالة الملك ابن سعود فبلغ مليونين بالنقود السعودية، وقد قام الملك ابن سعود وفرق أموالًا طائلة في مصر، وتبرع بما بلغ مجموعه أربعة ملايين، ثم إنه خطب الخطيب في مصر خطبة الجمعة كجد الملكين فيها بجامع الأزهر، وألقيت في الإذاعة، ولما كان يوم الثلاثاء الموافق ١٩ صفر غادر ابن سعود القاهرة راجعًا إلى بلاده المتعطشة إليه، وقد استعدت لاستقباله خير استعداد، وعلى أثر مغادرة ابن سعود البلاد المصرية أذاع الملك فاروق المعظم الكلمة الآتية إلى الشعب المصري:
شعبي الكريم في الوقت الذي يغادر فيه أخي صاحب الجلالة الملك المعظم عبد العزيز آل سعود مملكتكم عائدًا في رعاية الله إلى مملكته، يطيب لي أن أوجه شكري لكم فقد أكرمتموني في ضيفي، بل ضيفكم استقبلتموه بقلوبكم وأحطتموه بحبكم، ثم أطال في أن زيارته للمملكة العربية السعودية ما كان بها غريبًا، فكأنه لم يفارق وطنه ولم يفارق شعبة، وإن جلالة الملك ابن سعود في حال زيارته لمصر كان بين وطنه وأهله، وإن أيام المجد تتشابه به إلى أن قال:
شعبي المحبوب ليس أطيب عندي من أكرر شكري لكم فقد أكرمتم في شخص الملك عبد العزيز شخصي، أكرمتم مصر والعروبة والإسلام.
ولما وصل ابن سعود إلى ميناء جدة في صبيحة يوم الجمعة ٢٢ صفر وأشرقت النفوس برؤيا محياه أقيمت الزينات ثم أذاع نداء أعرب فيه عما قام به أهل مصر من الإكرام والإحتفاء، وقال: ليس البيان بمسعف في وصف ما لاقيت في مملكة أخي الفاروق، ولكن اعتزازي أني كنت أشعر أن جيش مصر العربي هو جيشكم وجيشكم هو جيش مصر، وحضارة مصر هي حضارتكم وحضارتكم هي حضارة مصر، والجيشان والحضارتان جند العرب وركن من أركان حضارتهما، ولقد أكثر الشعر من القصيد لهذه المناسبات.