للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتدلين في بيروت يقولون أن عبدِ الله بنُ الحسين بريء من دم رياض الصلح، بل كان ضحية الذين دبروا المؤامرة، وأنهم هؤلاء المجهولين هم الذين ألقوا في ذهن جلالته فكرة دعوة رياض الصلح إلى عمان، ولكن هنا من يقول: لماذا دعا الملك عبدِ الله رياض الصلح إلى عمان؟ ولماذا ألح عليه في الدعوة، وصمم على أن يذهب إليه رياض الصلح؟

ولما أن أحسَّ الملك عبدِ الله أن الكثيرين في بيروت ينظرون إليه بريبة سأل رئيس الوزارة سمير الرفاعي على أثر عودته من بيروت، هل يتهمونه بأنه دبر مقتله؟ ففهم أن الذين يوجهون هذا الاتهام قلة، ولا يعتد برأيهم، ولكن هناك كثيرون يقولون أنَّه حدث تقصير في حراسة رياض الصلح في عمان، وخصوصًا وقد كان من المعروف أن الحزب السوري القومي قد رتب أن يقتل رياض الصلح ثارًا لأعدام أنطون سعادة، ذلك بأن أرملته ظنت أن رياض الصلح هو المسؤول عن إعدام زوجها المذكور، وأقسمت أن تثأر له، وكانت هي إحدى الأيادي التي حركت المؤامرة لقتل رياض.

فتبين الملك عبدِ الله أن الشعور في لبنان ضده قد ازداد جموحًا، وأن الجماهير الثائرة تطالبه برياض الصلح تطالبه بأن يرده لها سليمًا على الأقل كما دعاه إليه سليمًا، وقد اتصل مسؤول رسمي في الحكومة اللبنانية بقصر الرغدان وقال: لقد علمنا أن جلالة الملك عبدِ الله يريد أن يرسل ابنه الأمير نايف في صحبة جثة رياض الصلح، ونحن ننصح أن لا يجيء الأمير إلى بيروت لأن الرأي العام هائج.

وأصدر الملك عبدِ الله أمره إلى ابنه نايف بأن يبقى في عمان، وحدث بعد ذلك أن رافقت جثمان رياض الصلح إلى بيروت بعثة شرف، ولكن المسؤولين اللبنانيين نصحوا البعثة بأن تعود على الفور، وإن لا تبقى في بيروت ولا دقيقة واحدة، وعادت البعثة.

ثم اتصل الملك عبدِ الله مرة أخرى ببيروت يقول: ثقوا أن المصاب الوحيد في هذا الحادث هو أنا، لأنه بالإضافة إلى إيثاري لرياض الصلح فقد خرَّ صريعًا في