ارفعوا الأيدي وأخرجوا النقود وبدت من أحد المظلومين وهو أحمد علي حسين الجرسون حركة فهموا منها أنَّه يحاول الاستغاثة، فسارع أحد الجرمين يفرغ رصاص مسدسه في قلب الرجل، وتتابعت طلقات الرصاص بعد ذلك.
وكان الطَّرِيقِ خاليًا من المارة، وكان أحد الأشقياء يراقب الطَّرِيقِ، وقد أعدو سيارة تاكسي قد قتلوا صاحبها وزوجه وأحد الزبائن، وقد رآهم منادي السيارات، ثم تجمع الناس ولجأ المعتدون إلى استعمال الرصاص مرة أخرى، غير أنَّه ألقي القبض عليهم بعد جهد ومشقة، وقد تلف من اعتدائهم ضحايا من بينهم الرجل المذكور تاركًا وراءه زوجته وأولاده الثمانية بدون عائل، وأصيب منادي السيارات وترك أولاده يذرفون الدمع، ولا يجدون القوت، والأمة المصرية تطالب الحكومة بأن تهتم بهذه المشاكل، ووضع حد لهذا اللين والرأفة بالمجرمين، ولو أنهم عرفوا تمامًا أدق حبل المشنقة هو المصير المحتوم للمعتدين لما أقدموا على فعلتهم هذه، لأن العقاب يرح ويخيف، فإذا لم يكن هناك خوف فلا ارتداع ولا خوف، وقد قال الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}، فلا بد من وسيلة ما لإيقاف هذا التيار.
ولقد اغتيل أحمد ماهر في مصر وهو في البرلمان سابقًا يدافع عن فكرة دخول مصر الحرب ضد المحور حتَّى يضمن لمصر مقعد في مؤتمر الصلح.
واغتيل أيضًا محمود فهمي النقراشي الرئيس الثاني لحزب السعديين قتل بقنبلة يديوية وهو يدخل وزارة الداخلية بعد أسبوع من حل جمعية الإخوان المسلمين، وكان النقراشي هذا مثلًا للنزاهة فيما ذكر عنه، وأول من صرخ في وجه الملك فاروق ومنعه من ارتياد الملاهي العامة.
وكان أول من قال للإنكليز في مجلس الأمن اخرجوا من بلادنا، وأول من وصفهم بالقراصنة، وأول من عارض دخول الجيش المصري معركة فلسطين، لأن الجيش لم يكن مستعدًا، ولقد سمعت أو ذكر لي أن أحد فحول شعراء مصر رثاه كرثية عظيمة، ولما أن ألقاها ابنه في الإذاعة وسمعها ذلك الشاعر انتحب ومات.