ولو سئل النَّاس التراب لأوشكوا ... إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا
فكان المترجم له لا يمسك قليلًا ولا كثيرًا وبذلك ملك القلوب وأحبته الأمة حبًا جمًا وكان يقول وما أغنت عن عبد الحميد كنوزه فمن ذلك أنَّ خمسة من الأعراب وفدوا على قصره في الرياض وكان البدوي قنعًا بما يناله فأمر لكل واحد بنصف كيس أرز وقلة تمر وعباءة وخمسين ريالًا فلما قبضها الأعراب ركبوا إبلهم وساروا راجعين إلى أهاليهم وقد عجزت الألسن أن تعبر عن المديح والثناء فلما كانوا في الدرعية جعلوا يتحدثون في شأنه فقال أحدهم لأصحابه أترون هذا ملكًا بفتح اللام وبالغوا في الإِطراء والمديح وكان من بين الذين يتقلبون بفضله بقية آل رشيد وآل مهنا وهم الذينَ كانوا قبل ذلك أعداء فلما حبوا في ضيافته منَّ عليهم بالإِكرام وغمرهم بالجود فتجد الفرد من هؤلاء يسكن القصور العالية ويركب مراكب الملوك كأنجال الملك ولكل فرد خدم واحتشام وجعل لهم المرتبات من ألوف النقود شهريًا وأكياس الأرز والقهوة والسكر والهيل ومصفحات العسل والسمن ومشالح الوبر وغير ذلك. وأكرم العلماء ورفع من أقدارهم وقرر لهم رواتب وأرزاقًا تجري عليهم كل ذلك شهريًا. وأكرم آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأجزل لهم العطاء وأكرم عشيرته ورفع من أقدارهم وأجزل لهم المرتبات ووصل قرابته وذوي رحمه وأوسع لهم في النفقات فكان بذلك موضع التقدير والإِجلال. وكان هؤلاء في الحشمة كالملوك بل كان خدمهم كالملوك، وكان يحرص على نفع الضعفاء والمساكين ويعطف عليهم فكان إذا رأى أعمى داعبه لأن يكون مطوعًا لإحدى البنات أو القصور حتى كان أمة من هؤلاء يتلون القرآن في تلك القصور ويتمتعون بالنعم والكرامة ويؤمون النساء في صلاة التراويح في شهر رمضان. ولا يزالون محترمين تجرى عليهم النفقات ويلبسون الكسوة الفاخرة ويركبون السيارات الفاخرة ويتقلبون في تلك النعمة والحبرة. وطبع على نفقته الألوف من كتب أهل