وإقامة العدل في كل شيء وتحكيم الشريعة الإِسلامية. ولكم علينا السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. ونسأل الله لكم الإِعانة والتوفيق فيما حملتم من أمور المسلمين وأن يحقق على أيديكم ما ترجوه الأمة الإِسلامية من مجد وتمكين". وقد وقع عليها الرئيس وجميع من تحت يده من القضاة والأعضاء وكان في وقت البيعة واقفًا يستقبلهم. ولقد كان أمراء البيت والوزراء وكبار رجال الحاشية والقصر يحاولون تنظيم هذه الجموع في صفوف ولكن اندفاع الشعب إلى صدر الصالة حيث يقف جلالته اندفاعًا وقف بكل واحد منهم بحيث زالت الفوارق من النفوس وتوحد الاتجاه من الجموع الذي يمثل الشعب السعودي تمثيلًا صادقًا.
فأمراء البيت المالك والوزراء وكبار رجال الدولة وأصحاب الأعمال والمتاجر والموظفون وأرباب الحرف ورجال العشائر والعربان والصناع والعمال والطوائف والأطفال والطلبة والضباط والجنود كلها في صفوف متلاحقة متراصة متتالية متتابعة شيوخًا وشبابًا وأطفالًا تسير متجهة صوب قائدها وراعيها تقبل يديه وتعلن له البيعة صادقة الولاء مخلصة الحب. ولمَّا أن حان وقت صلاة الجمعة أذن لرئيس القضاة وأصحاب الفضيلة والأمة بالانصراف مؤكدًا لهم أن الكبير منهم والد والأوسط أخ والصغير ابن وحملهم نصيحته في الدين والدنيا جعلها أمانة في أعناقهم. ولمَّا أن صلَّى جلالته في المسجد الحرام صلاة الجمعة نودي بعدها بالصلاة على الغائب الصلاة على روح الفقيد الراحل العظيم فارتفعت الأكف مبتهلة إلى الله العلي الكبير أن يتغمده برحمته وغفرانه وأن يمتع الملك المفدى بالصحة والعافية وأن يحرسه بالرعاية الصمدية.
ثم أنَّه توجه راجعًا إلى قصره بمكة حيث تعطل السير من الجموع التي عطلت حركة المرور. وكان الموكب الملكي يسير في بطء من كثرة الجماهير التي ازدحمت في جوانب الطريق تهتف بحياته الغالية.