العراقية إلَّا بالتخلص من الإِنجليز أليس مصر قد ثار وطرد الإِنجليز أليس الإِنجليز لا يزالون مستعمرين للعراق فنجحت هذه الثورة العراقية السرية وغيرت مجرى التاريخ. فبينما فيصل بن غازي وولي عهده عبد الإِله بن علي بن الحسين ونوري السعيد يغزلون سياستهم إذا بالأمة تثور وتنفذ إرادتها في البيت الهاشمي ففي ٢٧ ذي الحجة الموافق اليوم الاثنين نقل عبد الإِله وطبق به في الأسواق وأخذ الملك فيصل الثاني فصفد بالحديد وجعل يناشدهم بالله إذا ما كرهوا سياسته وملكه ورئاسته أن يخلوا سبيله يذهب إلى مشيئة الله له كما فعل بفاروق ملك مصر وجعل يطالب ويؤكد حتى أنَّه ألقى المصحف بينه وبينهم وسألهم بآياته ومعجزاته أن لا يمسوه بسوء غير أن ذلك لم يغن عنه شيئًا بل قتلوه ولم يرعوا له إلَّا ولا ذمة أولئك أهل العراق والذين قتلوا سلفه الحسين بن علي ولم يرهبوا في تلك الثورة أحدًا ثم أنَّهم طلبوا نوري السعيد ونسفوا قصره فأدركوه من الغد ٢٧/ ١٢ الموافق ١٥ يونيه في بيت قد اختفي فيه ولبس ثياب امرأة وكان قد دلهم عليه صبي فطوقوا ذلك البيت ولمَّا رأى حروجة الموقف جعل يطلق عليهم النَّار وآخر ذلك أن قتل في ذلك اليوم وجر في الأسواق.
وما أغنى عنه ماله الذي جمعه شيئًا ثم أنَّها أعلنت الجمهورية في العراق وحدثت فظائع فيه وكثر القتل والهرج والفتن والزلازل والمحن. ولقد كان عبد الكريم قاسم رئيس الجمهورية يقوم بالعسف والبطش حتى دوخ كل من تسول له نفسه المعارضة وقضى على كل حركة. وتعتبر ثورة الجيش العراقي من أعجب ما روى التاريخ فإنَّ هذا الإقدام وهذه الثورة لم يسبق لها نظير حتى ذكر رجال المعرفة أنَّها قد فرغ منها وأبرم أمرها منذ زمن طويل.