كان عدد الحجاج فيما مضى لا يتجاوز ثلثمائة ألف إلَّا نادرًا فإنَّه بلغ في هذه السنين الأخيرة ما ينوف على مليونين وهلم جرًا في الكثرة لتأمين السبل وتسهيل طرقه. وذكر الخوارزمي في حديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال:"يأتي على الناس زمان يحج أغنياء الناس للنزهة وأوساطهم للتجارة وقراؤهم للرياء والسمعة وفقراؤهم للمسألة". ومهما كانت الأحوال فقد انسدت الطرق وضاقت المشاعر بحجاج بيت الله الحرام رغم الإِرشادات والتوجيهات وطلبًا من الحكومة ممن تكرر حجه أن يسمح بمكانه لمن لم يحجوا أمَّا عن مقام إبراهيم ومشكلته لما أزيل المنبر الذي عمله السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم خان العثماني وكان من الحجر الرخام المرمر البراق الناصع البياض ويلي مقام إبراهيم الخليل من الجهة الشمالية وارتفاعه اثنا عشر مترًا مقامًا من ثلاث عشرة درجة وكان آية في الجمال مطلاة قبته بالذهب وقد مضى عليه أربعمائة سنة وعشر سنين فكان المقام معترضًا للطائفين وقد شاهدت بعيني راسي في حجتي عام ١٣٧٨ هـ أي بعد هذه السنة إني كنت فيها مفردًا. وفي صباح اليوم ١٣ من ذي الحجة خرجنا إلى التنعيم للإِتيان بالعمرة ولمَّا أن دخلنا في الطواف بالبيت ضحى كانت لتلك الساعة حرجة لكثرة من يطوف بالبيت فكانت الأمة منتشرة فإذا ما أقبلوا على المقام ازدحموا وفي أثناء الطواف لمَّا ازدحم الحجاج في تلك البقعة بين المقام والباب سقط عشرون هناك فكانوا عرضة لأن سقط معظم الطائفين فكانت واقعة فمن المسلمين من انجرحت قدماه وساقاه ومنهم من هلك وأشهد بالله لرأيت امرأة انشقَّ بطنها وطار فرثها فلوث ما حوله من جدار الكعبة والمنبر المذكور ومن شرد هاربًا فإنَّه فقد ثياب إحرامه بحيث قام بعض الطائفين عراة ومنهم من خسر بزرته ومنهم من خسر رداءه وقد أفتى سماحة المفتي الشيح محمد بن إبراهيم وفطاحل من العلماء بوجوب نقل المقام عن موضعه سوى أنَّ بعض العلماء كان لديه معارضة وممن