فزعة عظيمة لفيصل لما رأه يريد تقحم هذه الأخطار، وأخذته الحمية له بأن يكون معهم، وكان ليثًا شجاعًا وصارمًا قطاعًا لا يطاق إذا صال، وتتضائل عنده سورة الأبطال، فاستأذن فيصلًا فأذن له أن يكون معهم، فلما دخلوا الرياض حصلت بدون قتال لأن فيصلًا أمر على رجال ممن كانوا معه من أهل الرياض أن يدخلوا البلد ليلًا ويمسكوا البروج والبيوت المقابلة للقصر، ولكنهم وجدوها مملؤة برجال مشاري قد ضبطوها، غير أنهم لما عرفوهم سكتوا عنهم وأدخلوهم فلم يفجأ مشاري وذويه الذين بالقصر إلا أصوات أولئك الرجال وبنادقهم يصيحون بالثأر، وقد شبوا النار لها شرار.
ودخل فيصل البلد وركب على القصر المدافع الكبار ثم شب النار على من في القصر، وتابع الطلقات فتسبب عبد الله بن علي لاحتلال القصر بأن كلم رجلًا في برج من أبراجه يدعى سويد بن علي، كان أميرًا في جلاجل، وجاء ليسلم على تركي لأنه لم يعلم بقتله فرحب به مشاري وأنزله في ذلك البرج في القصر، فقال له عبد الله بن رشيد يا سويد وما دخلك أنت في آل سعود؟ فقال إني مغصوب. فقال له: إن جئت إليك بأمان من فيصل أترمي لنا حبلًا لنصعد إلى القصر؟ فقال سويد: إني من رجال تركي وسأساعدكم على شرط أن يؤمني فيصل ويعطيني نخلة الدامنة وهو نخل معروف، فتواثق الرجلان ورمى سويد إليهم بحبل فصعد هذا الأسد الصائل إلى القصر وصعد خلفه أربعون من رجال فيصل من بينهم عبد الله بن خميس، وأعطوهم الأمان سوى من باشر قتل الإمام أو ساعد فيه، وكان هذا بإذن من فيصل بعدما شاور رؤساء المسلمين، لأن لا يأخذه عنوةً فيكون ما في القصر من الأموال والخزانات أشتات بين الناس، فأحاطوا بمشاري ومن معه وقتلوهم وأخرجوا جسد مشاري ورأسه خارج القصر ليعرف، وأصيب عبد الله بجرح بليغ في يده لما تجالدوا مع رجال مشاري، فسر فيصل بشجاعة عبد الله بن علي بن رشيد، ولما رأى جراح يده رق له وقال له لك مني ما تريد، فقال عبد الله أطلب منك أن تؤمرني في حائل، وأن تكون الإمارة لي ولعائلتي من بعدي! فأجاب