الأضرار الوحشية بحيث استمرت طوال هذه السنين والطائرات تضرب وتدمر وتفسد وتخرب وضحايا هذه الحرب قد جاوزت العد والحسبان وقد تهدمت الأماكن وتخربت الطرق وأصبح أهل تلك المناطق في حالة يرثى لها وكان نصيب مجلس الأمن أن يقف موقف المتفرج فلا وساطة ولا صلح ولا قدرة لإيقاف المعتدي فما فائدة هذا الجلس الذي هو اسم لا حقيقة ولا يدير الأمور بنفسه إنما تدمره الأيادي العاملة لهواها ومصالحها وكذلك ما جرى في نيجيريا من الحرب المشؤومة التي تركت غالب الأهالي عراة جياعًا لا يجدون ما يسدون به رمقهم ولا ما يسترون به عوراتهم حتى هلكت أطفالهم جوعًا وأكلوا الجرذان والجيف ولم يزالوا صامدين حتى كتب لهم النصر واستقلت بيافرا وهذا من عقوبات الله الدنيوية بحيث سلط الله بعضهم على بعض فأصبحوا يتاجرون وكان بأسهم بينهم، وكذلك ما جرى على اليمن من العذاب والتخريب والتقتيل والعبث بالأهالي المدنيين الآمنين فعياذًا بالله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، هذا ولا ننسى ما جرى بين الجزائريين وبين فرنسا من تلك الحروب التي تركت الذراري أرامل والوالدين ثكالًا واستمرت الحال بضع سنين حتى كتب لهم النصر بعد جهاد مرير وواصلوا القتال لإحدى الحسنيين الشهادة أو الظفر كما قيل:
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أطيب منزل
وفي هيروشيما يقيمون المأتم في كل سنة عند ذكرى الضربة الساحقة الماحقة التي سببتها القنبلة الذرية في مدينتهم لما رمتها بها أمريكا بتدبير (ترومان) بحيث أهلكت ٧٨١٥٠ قتيلًا وجرحت وشوهت مائة ألف وعشرين ألفًا وذلك في ٦ آب (١٩٤٥ م / ١٣٦٤ هـ) وكذلك الحرب في كوريا وما جرى من الشيوعيين بحيث تجلت عن قتل اثنين وعشرين ألف أمريكي ومائتين وتسعة وجرح واحد وتسعين ألف جريح وسبعمائة وثلاثة وفقد عشرة آلاف وثمانمائة وخمسة عشر وبلغت
خسائر الشيوعيين مليون وستمائة وتسعة وخمسين ألفًا وكذلك ما جرى في مصر