وثمانين كيلومترًا، وبعد قطع ١٥٤ كيلو بلغنا الصلصلة وكانت قرية في واد تحتوي على آبار قليلة ومبانٍ صغيرة وساكنوها من قبيلة هيثم، ثم بعدها قرية شريف بقدر تسعة كيلوات ثم الجرة فيها شجر الإثل ومساكن قليلة مترامية الأطراف وهناك الثمد وتبعد عن الصلصلة بـ ٣٠ كيلو ويوجد في ذلك الوادي شجر الدوم، وما زلنا نواصل السير حتى قدمنا خيبر وكانت بلادًا في حرة تكسوها الحجارة السوداء وفيها منخفضات تحيط بها آكام صخرية وخيبر من أخصب واحات الجزيرة وتقع في مجتمع أودية تنحدر من سلسلة جبال فتتسرب مياه هذه الأودية في وهدة منخفضة من الأرض بحيث تكون ينابيع جارية وتبعد عن مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام بقدر من ١٨٣ كيلوًا وبعد تجاوزها بـ ٣١ كيلو نصل إلى مفرق الطريق إلى العلا يسارًا فانتهينا إلى وادي عشاش مارين بقهاوى عشاش وبناياته اليسيرة بحيث يبعد عن خيبر بـ ٤٩ كيلولما أن تجاوزنا ذلك بقدر من ١١٣ قريبًا من تيماء إذا قد أرهقنا السير فنزلنا بالبعد من قهوة هناك لا تزال أنوارها مضيئة وكانت الساعة تشير إلى الثالثة ليلًا بالغروبي وكانت الشقة بعيدة ولا نسمع سوى صوت كلب ينبح فيها وكان نباحه يتردد في ذلك الفضاء فبتنا في ذلك الموضع بخير ليلة من الرفقة من نام للتعب ومنهم من جعل يصلح لنا طعام العشاء ولما أن كان من آخر الليل فزعنا للصلاة ومواصلة السير حتى قدمنا تيماء وكانت المسافة بينها وبين منزلنا ٧٤ كيلو مترًا وإذا هي آثار السموأل القديم وبلدة عبد الكريم بن رمان الحديث وكان وصولنا إليها في الساعة الحادية عشرة تزيد ٥٠ دقيقة صباحًا فطفقنا نسأل عن هداج تيماء أو بئر السموأل وبينما نحن نسير في أحد شوارعها الضيقة إذا بشاب من الأهالي لا يتجاوز عمره العشرين عامًا فاستقبلنا ورحب بنا ودعانا إلى تكرمته في بيته غير أننا اعتذرنا إليه وإنا على جناح السفر فقبل عذرنا على مضض بعد ما غلبناه على إرادته جزاه الله خيرًا فقلنا نفضل علينا بالهداية إلى بئر هداج ولما أن رأى أن لا فائدة في الإلحاح لإجابة دعوته قال انطلقوا إليها فسار ونحن نتبعه حتى وقفنا عليها كانت هداج تيماء بئرًا مشهورة تضرب الأمثال بسعتها فيبالغ