ويسألونه القدوم عليهم في الأحساء، ويأمرون عامتهم بالمسير إليه والقدوم عليه والقيام معه ومناصرته مع ما كانوا يتملقون به عند أمير الأحساء ناصر بن جبر وعند فهد بن دغيثر أمير السرية المرابطة في الأحساء من قبل الإمام، يظهرون السمع والطاعة للإمام ويبطنون المكر والغدر.
ثم إنه زحف سعود من العقير وتوجه إلى الأحساء بمن معه من الجنود، ولما أن وصل إلى الجفر البلد المعروف هناك، أراد أهلها أن يمتنعوا من تلك الجنود المتضافرة، غير أنهم عجزوا عن ذلك لكثرة العدو وقلة المساعد، فدخلت تلك الجنود البلد ونهبوها وعاثوا في قرى الأحساء بالنهب، وقام ابن حبيل أمير بلد الطرف مع سعود واشتد الخوف واضطرب البلد، فقام حزام بن حثلين وابن أخيه راكان بن فلاح بن حثلين، ومنصور بن منيخر لدى الأمير ناصر بن جبر وفهد بن دغيثر ورؤساء الأحساء وطلبوا منهم الخروج لقتال سعود ومن معه من الجنود، وحلفوا لهم الأيمان المؤكدة على التعاون والتناصر، وأن يكونوا يدًا على من ناواهم، فخرج أهل الأحساء يتقدمهم العجمان المناصرون، ولما وصلوا الوجاج الموضع المعروف غدرتهم العجمان وانقلبوا عليهم فأخذوهم وقتلوا منهم نحو ستين رجلًا، من أعيانهم عبد الله بن محمد بن ملحم وسليمان بن ملحم، وانهزم بقية أهل الأحساء إلى بلد الهفوف وهم ما بين جريح وسليب، فتحصن أهل الهفوف بعد هذه الوقعة في بلدهم واستعدوا للحرب، ثم زحف سعود بعد هذه الوقعة بجنوده ونزل على بلد الهفوف، فثار الحرب بينه وبينهم وأقام لهم محاصرًا أربعين يومًا.
وأما ما كان من أمر الإمام عبد الله، فإنه لما بلغه مسير سعود من البحرين إلى الأحساء، أمر على جميع بلدان نجد بأن يتجهزوا للغزو، وأن يقدموا عليه في الرياض، فقدم عليه غزو أهل ضرما والمحمل وسدير، فجعل عليهم أخاه محمدًا وضم إليه غزو أهل العارض وسبيع والسهول، فزحف محمد بن فيصل بتلك الجموع إلى الأحساء وقد كان أهل الهفوف يتابعون الرسل إلى الإمام يطلبون منه النصرة، ولما علم سعود بمسير أخيه محمد لنجدة أهل الأحساء فك الحصار عن الهفوف وسار بجنوده للقاء أخيه محمد.