كم تخرجون وما بكت لخروجكم ... عين ولا عزى بمأتمكم فم
كم تصمتون على الخيانة والأذى ... وفؤادكم بأذى الخيانة مفعم
كم تصمدون وليس يصمد غيركم ... وتحاربون وغيركم يتكلم
كم تصرخون ولا يجاب صراخكم ... وكأن من يدعى أصم وأبكم
كم تقتلون وكم تراق دماؤكم ... وبنو أبيكم لا يراق لهم دم
القدس واللنبي تدوس جيوشه ... أرياضها وقصورها تتهدم
والروض صوخ والصيور تناوحت ... والنور أغفى والظلام يخيم
والمسجد الأقصى تئن قبابه ... مما تعاني والمنائر ترزم
والدار ترعف والبراق مصفد ... والأرض ترجف والآذان مكمم
وحمائم المحراب باكرها الجوي ... من شر ما تلقى وما تتبرم
والمنبر اهتزت قوائمه أسى ... لما علاهن الغراب الأسحم
والراكعون الساجدون نشيجهم ... متلهب وأديمهم متفحم
صلواتهم رفعت بها دعواتهم ... نحو السماء فجاوبتها الأنجم
أنفاس أكباد يفوح شياطها ... حمما براكين بها تتحمم
ويسود في أرض القداسة مجرم ... متهود ويذل فيها المسلم
والجائعون طعامهم جمر الوغى ... والظامئون وكل كأس علقم
وبأي أرض ينصبون خيامهم ... فالأرض نار والسماء جهنم
والمرملات الثاكلات حواسر ... لا من تنوح بوجدها وتلطم
السافرات وما أردن تكشفًا ... لكنه الهول المريع المعتم
النافرات من القذائف واللظى ... مثل الظباء تصيدهن الأسهم
عصت الدموع عيونهن فجلجلت ... بقلوبهن مما تكن وتكظم
يطوين أحناء الضلوع على الجوى ... وعيونهن بما طوين تُتَرجم
وكأن أهوال القيامة فزعت ... نظراتهن بما يروع ويلجم