أمام دولة هي أكبر دول العالم أمام عدو غاشم لا يستهان به ناضلوا بصدق إيمان وقوة عقيدة.
ومع أن روسيا تضربها بأنواع الأسلحة الفتاكة والمعدات الرهيبة فلم يرهبوا من صنوف العذاب وحرب الإبادة والتعذيب الذي لا يكاد يصدر ممن له ذرة من رحمة أو شيمة أو أنفة ولاقوا جيوش روسيا وتصدوا لها وهم يرون إخوانهم المقتلين والمشردين في مشارق الأرض ومغاربها صمودهم أمام تلك الجيوش الكاسرة الذين ملؤوا الأرض بقضهم وقضيضهم أمدوهم بالأموال والأرزاق والكسوة ليثبتوا ويناضلوا بما أن الطائرات تصب عليهم أنواع العذاب والجحيم والحمم من قنابل الخوف والهدم والتدمير فإنهم أحرزوا نصرًا متفوقًا يزداد كل يوم بل كل ساعة {وَمَا النَّصْرُ إلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦)} (١) أولئك الأفغان المجاهدون الأشداء المتمسكون بدينهم المعتصمون بجبالهم وصياصيهم ولم يعرفوا الخضوع للأجانب ولم يعتادوا عليه ويكفينا ما قام به قائدهم أمان الله خان بحيث أنه لما خلف والده استل سيفه أمام الجمهور وأعلن أنه لا يعيده إلى قرابه حتى يعيد لبلاده استقلالها الكامل وسيادتها التامة.
ثم أرسل إنذارًا إلى بريطانيا، ولما رفض الإنجليز إجابته أعلن الحرب عليهم حتى خضعوا، وفي هذه السنة انتصروا وأذاقوا روسيا درسًا لا يُنسى، وما زالوا طوال تلك السنين الماضية التي بلغت ستًّا يجاهدون ويناضلون حتى أدخلوا الرعب في قلوب السوفيت ووجهوا ضرباتهم إلى كابول، فقد ضربوها في يوم واحد بمائة وثلاثين صاروخًا وأسقطوا طائرات ودمروا دبابات وكل يوم وهم يتقدمون وللعدو يقهرون وذلك بعدما جاءتهم الإمدادات وأفتى العلماء بجواز صرف زكاة الأموال إليهم فانسدت المساجد من كثرة ما يلقى فيها ويرصد من التبرعات وعلت أصوات الخطباء إلى الله بالدعاء لهم بالنصر وتبدت أعلام النصر لهم وتورطت روسيا في غزوها.