ثم أنه أحيل إلى التقاعد وهو يقوم بهذه الأمور ماضيًا في سبيل نشاطه ثم جعل يثني على أولئك الأماجد الذين تركوا في الدنيا دورًا لا يزال يهز العالم ويحرك أوتارها في جميع جوانبها وهؤلاء الموجودون المتمسكون بالدين والشرف هم سلالتها.
وهذا أنموذج من ذكره وثقافته فيما أن العيون ترمق عبد الله بن محمد بن خميس بالأدب فنحن نسوق شيئًا من حياته فنقول كان والده ينقل خطواته بهدوء وطمأنينة نحو مسجد الملقي من ضواحي الدرعية ليمكث فيه ريثما يطل الصباح ليؤدي صلاة الفجر مع الجماعة وحيثما رجع مرة من المسجد قابله البشير عند باب الدار يبشره بمولود ذكر فسر لهذه البشرى ثم أنه درج الطفل الوليد عبد الله في سني حياته وفي الثالثة من عمره انتقل والده إلى الدرعية وهناك أدخله والده الكتاب الذي كان مقصورًا على القرآن الكريم واستنساخ بعض آياته كتمرين على الخط، ولكن الأسر المتعلمة لا تكتفي بذلك اليسير من العلم لأولادها وكانت أسرة عبد الله بن خميس تحمل شرف العلم فجده عبد الرحمن بن خميس كان إمامًا ومدرسًا في مسجد الطريف بالدرعية وجده عبد الله من أفاضل العلماء في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز وعمه ظل قاضيًا في الرياض أوائل هذا العهد الزاهر.
أما والده فكان على جانب من العلم والأدب فنشأ عبد الله مولعًا بالكتب على قلتها أن ذاك وكان يستفيد منها ويفيد وبما أن والده رغم انشغاله في الفلاحة فإنه لم يصده ذلك عن الأدب ويتذكر الابن عبد الله روح الزراعة وتقاليد أهلها فكان يصرف من أوقات فراغه رؤية الجبال والأودية ويزاول مهنة الصيد فيرتاد البراري والفلوات وأشبع قلبه بالشوق إليها والتغني بها وكان له صلة بالشاب الغيور فهد آل مارق الذي كان له كفاح في سبيل فلسطين يبادله الآراء الصائبة والأحاديث التي عادت عليه بأفضل النتائج.
ثم التحق بدار التوحيد كما ذكر عن نفسه وأعجب به زملاؤه في النشاط