ومن جهة ثالثة: فقد كان لدى الفتاة السعودية مؤهلات تخولها لأن تكون مدرسة وطبيبة وعارفة بالخياطة وما تتطلبه الحياة فحصل ما كانت الأمة تحلم به وانتشرت الثقافة الإسلامية في النظافة ومعرفة الحقوق الزوجية وما يلزم الزوجة نحو زوجها وما ينشأ العلم في أمة إلا وسادت وأفلحت وما ظهر الجهل في أمة إلا وذهب مجدها وتفرق أمرها.
ولقد كانت المعلمات السعودية والفتيات المتعلمات يتمشين على الطريقة المثلى والحمد لله وينكرن السفور ويحاربن الخلاعة ومنهن الأديبات التي قد لا يوجد مثلهن، وذلك بالحفاظ على الدين والتمسك بالأخلاق الفاضلة وجزى الله القائمين في توطيد الشريعة الإسلامية خير الجزاء، ولا ريب أن التأدب بآداب الشريعة المحمدية هو أساس الخير وحسن التربية والتوجيهات لها أثر عظيم.
وها قد سدت الوظائف بالقضاة والمفتين والمصنَّفين والصحفيين والأدباء وعلماء الطب والهندسة والمدرسين مما كان له أعظم الأثر وآتت تلك الأشجار أُكلها وأخرج ذلك الزرع شطأه وتمتعت الأمة بحياة عجيبة غربية.
وفي هذه السنة نجد بعض الشباب قد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب وتعلموا تجويد القراءة وأمسوا يؤمون المسلمين في صلاة التراويح في رمضان بحسن ترتيل وإذا نوقش الطالب في تفسير كلمات القرآن ومقاصده فإنه يأتي بالفائدة وبالعجب العجاب.
ونسأل الله تعالى أن يجعل هذه النهضة نهضة علمية غير علمانية وأن يثبت الإيمان في قلوبهم ويؤيدهم بروح منه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وأصبح بث الإذاعة بنور على الدرب له الأثر المطلوب لهداية الخلق في مشارق الأرض ومغاربها بحيث تهدى إليهم الأحكام الشرعية وتجلب في بيوتهم وهم جالسون وترشدهم إلى سواء السبيل، ولقد كان بالإمكان أن تقول أن نشر العلم وإرشاد الأمة قد وصل إلى درجة لم تحصل للأولين والآخرين إلى زمننا هذا ولله تمام المنة والفضل.