العائذي من روضة سدير إلى بلد شقراء لازمه المترجم وأخذ عنه وتزوج ابنته، وكان لا يفارقه إلا وقت النوم، فانتفع به وقرأ عليه في التفسير والحديث والفقه وأصوله وأصول الدين وفي النحو حتى ظهر مظهرًا حسنًا، وناهيك برجل شيخه أبي بطين علمًا وورعًا وذكاءً.
ولما تولى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن قضاء عنيزة وارتحل إليها بأهله وأولاده، ذهب معه المترجم المذكور بأهله وأولاده، فنزل في عنيزة وأحبه أهلها وأكرموه واحترموه وقدروه تقديرًا لم يعهد مثله ذلك لما قام به من حسن الأخلاق ومعاني الشيم وتحببه الخاص والعام، وكان الشيخ محمد ذكيًا فاضلًا أديبًا مكرمًا لطلاب العلم وموقرًا للغرباء الطالبين، وأخذ عنه جماعة من الفضلاء.
ومن أنجاله عبد العزيز وحفيد المترجم هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مدير العارف السعودية سابقًا، وكان المترجم حسن الحظ كثير التصحيح والتحرير والضبط والتهميش، وغالب كتبه عليها رموزه وتقريراته وضبطه، وما زال على الاستقامة إلى أن توفاه الله في هذه السنة.
وقد رثاه تلميذه الذكي الفاضل النجيب، والشاب الأديب صالح بن عبد الله بن بسام بهذه المرثية:
أيا قلب دع تذكار سعدي فما يجدي ... وأيام أنس سالفات بذي الرند
فليس بذي الدنيا مقام ترومه ... ولكنها كالحلم تمضي على العبد
ولما شجاني أن قضى حتف أنفه ... محمد المحمود في العلم والزهد
عنيت به الحبر الجليل ابن مانعٍ ... ومن هو في دنياه عاش على الحمد
سقى الله قبرًا قد حواه ثرى له ... سحائب فضلٍ فاضح البرق والرعد
لقد كان بحرًا للعلوم وعارفًا ... وفي علمه يهدي إلى منهج الرشد
وقد كان في أمر العبادة يحتذي ... مسالك للأسلاف كانوا على قصد
وقد كان لي شيخًا نصوحًا بعلمه ... محبًا لفعل الخير يهدي ويستهدي