راشد رعاياه من المنتفق وغيرهم من بادية العراق، فاجتمع عليه جنود عظيمة، فسار بهم إلى الأحساء، فلما قرب من بلد الهفوف خرج إليهم عبد الرحمن بن فيصل ومن معه من العجمان وآل مرة وأهل الأحساء، ووقع بين الفريقين قتال شديد، فانكسر لذلك أهل الأحساء وانهزموا إلى بلادهم وتتابعت الهزيمة على العجمان ومن معهم من العربان، وعاد عبد الرحمن بن فيصل إلى بلد الرياض معه فهد بن صنيتان، وهرب رؤساء الأحساء إلى البحرين.
ثم دخل ناصر بن راشد بلدة الهفوف بمن معه من الجنود ونهبوها وأباحوها ثلاثة أيام، وخرج عسكر الترك الذين في الكوت، فصاروا مع تلك الجنود فعاثوا في البلد نهبًا وقتلًا وفسادًا، حتى قتلوا كل من ظفروا به من أهل السنة من ساكني الأحساء وممن كان فيه من أهل نجد، ولم يتعرضوا للرافضة، فقتل خلائق كثيرة ونهبت أموال عظيمة لا يحصيها إلا الله تعالى، وكان أكثر من باشر القتل عسكر الترك طلبًا لثأر من قتل منهم، وكان من أعيان الذين قتلوا في هذه الفتنة الشيخ عبد العزيز بن نعيم.
أما الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الوهبي فإنه ضرب ضربًا شديدًا وأخرجوه من الكوت، وكان ساكنًا فيه قبل ذلك، وقتل محمد بن عبد الرحمن بن عامر وعمه أحمد ورشيد بن عبد العزيز الباهلي ومحمد بن حسين الباهلي، وجرى في هذه الأيام محن عظيمة وخطوب جسيمة تشيب لها النواصي، وتعجز عن حملها الجبال الرواسي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي آخر هذه السنة بل في شهر ذي القعدة خرج سعود بن فيصل من بلد الرياض غازيًا فلما وصل صوار الموضع المعروف في أسفل بلد البير من بلدان المحمل مرض فرجعوا به إلى الرياض فوافاه أخوه عبد الرحمن لما رجع من الأحساء مريضًا في قصره، فلبث سعود أيامًا قليلة وتوفي في ثامن عشر الحجة من هذه السنة فالله المستعان.