كانت الأمة في السطوح يلتحفون بالبطانيات وغيرها من الأغطية الثقيلة، وذلك طوال برج الثور وعامة برج الجوزاء، وذكر أهل الأرصاد أن سبب ذلك الغبار الناشئ من الرياح، فقد أثر على أشعة الشمس وأنه لم يمر ذلك منذ سنين عديدة، وقد ملء الحيطان والثياب وستائر النوافذ والفرش مما كان له أثر سيء في باب الصحة، بحيث امتلأت المستشفيات بالمراجعين من ألم الربو وتلقوا عشرات الألوف، كما أن الكراسي والنمارق وغيرها استهدفت لذلك، وهذا شيء نادر الوقوع، فعياذًا بالله من سوء القضاء وحلول المصائب والنواكب.
ومن العجائب أعشاب من أنواع الكلأ في برج الحوت والحمل كان لها منظر عجيب في بعض الأماكن، فما هي إلا عشية أو ضحاها حتى أصبحت هشيمًا كأن لم تغن بالأمس بسرعة فائقة بالسحق والمحق.
وفيها في ٢٠ ذي الحجة حصل انقلاب في يوغسلافيا وتمردت عاصمتان كلٍ منها يريد الاستقلال بنفسها، وحصل انشقاق وأحضرت كل جهة قوتها من دبابات ومدافع واشتد الخطب، وكانت السيادة أولًا فيها لتوتو، وبعد وفاته بمدة طويلة تعددت الأطراف على الحكومة، ولقد حاولت الحكومة الأخرى إقناع الحكومة بالرضوخ لتلك الجهتين ومنحهما حق الاستقلال بدون الرجوع إلى السلاح، ولكنه لابد من اللجوء إليه.
أما عن الجزائر فقد استمرت الزعازع فيها وعدم الاستقرار، ولما أن كانت الحالة في العراق بعد ضربه وإعطاء حاكم العراق درسًا لا ينسى، ولعدم سكونه وخضوعه ظاهرًا أو باطنًا لقرارات مجلس الأمن، وأصبح الأكراد غير آمنين وذلك لما يتوقع من صدام حسين فإن الرئيس الأمريكي هدد بضرب العراق مرةً أخرى، فرفع صدام قبوله رسميًا لوقف إطلاق النار وتمكين هيئة المنتدبين من قبل الأمم المتحدة من التفتيش عن الأسلحة الكيماوية وإتلافها وإعدام السلاح الذري فيه، وفعلًا جرى القبض على قواعد من تلك الأسلحة المدمرة، وقام بدوره لجمع التعويضات التي التزم بها عن إفساده في الكويت وتدمير ما دمرت