يستهان به، وانخدعوا له وكان يجني تلك الأموال والأسلحة ويخزنها ليومها المعلوم مدعيًا بزعمه أن سيستخدمها أمام تيار سيل إيران الجارف، وأضاف إلى ما استحصله من العرب والخليج أسلحة روسية فعالة، وكانت أسلحة الروس كيماوية، وصواريخ سكود، وبينما كان متظاهر بخدمة العرب والمسلمين وسيكون ضد اليهود إذا هو يقلب ظهر المجن ويكون في نحور العرب، وصرف ما لديه من المساعدات التي استحصلها منهم، فيوجه ضرباتها إليهم، وقام ضد الخليج والسعودية والكويت الذين أمدوه بما استطاعوا من قوة وصرف أسلحته إلى حربهم، ثم هجم على الكويت لما انطوت سريرته عليه من الخيانة كما قدمنا، وهدم مساكنهم وانتهب أموالهم، وهتك نسائهم، ففرَّ من استطاع الفرار وقبض على بقية الأهالي العزّل يتعقبهم ويشق بطونهم، وكان الطاغية يعول أن يجعل الكويت ميناء العراق وسلطه الله عليهم بذنوبهم ومعاصيهم، فأصبحوا مشردين ومطرودين، وكان ذلك منذ حقل التجارب في تدمير بقية الخليج، فخابت أمنيته بعدما أعاد على أهل الكويت حرب الصليبيين للأندلس، وسلط الله عليه أمريكا فأقبلت بحدها وحديدها وصواريخها وطائراتها ودباباتها ومدافعها التي لا يستهان بها، فردوه على أعقابه وساموا العراق وأهله سوء العذاب، وذلك لأن الكويت ليس بلقمة سائغة ولا غضيضة فتلفظ بل إن في الحياض من يذود عنها، وإن الأسد السعودي يفترش ببراثنه دون ذلك الحمى، وأصبح حقل التجارب الذي منىَّ به نفسه ثعلب العراق فاشلًا وخائبًا، وها هو قد وقع في الحفرة وأحاط به بغيه وأصبح معكوس المراد، وهكذا كل مغفل مجنون لا يفكر في عواقب الأمور، وكان مشؤومًا على نفسه وعلى قومه الذين استخفهم، ودخلت عليه أمريكا في عقر داره ودمرت أسلحته تدميرًا شاملًا.
وأصبح العراق بعدما كان زهرة البلاد بحالة يرثى لها جوعًا وفقرًا وأمراضًا، تتهدم البيوت أطلالًا ودمر القصر الجمهوري العراقي، وفرَّ السكان مشردين، وانقسمت العراق إلى أقسام قسم ضد الطاغية وقسم يحاربونه وقسم مشردين،