في ذلك الموضعين، ولما أن وقع الاتفاق قدم أهالي فلسطين الذين تحملوا حكمًا ذاتيًا عليهم أنفسهم بأنفسهم.
وفي فجر اليوم الثاني من شهر ذي الحجة عام ١٤١٤ هـ قدمت طلائع الجيش الفلسطيني وأسلحتهم وقواتهم إلى قطاع غزة وأريحا وذلك يوافق ١٣ مايو ١٩٩٤ م وصفق الأهالي فرحًا، وكانت ساعة لأهالي فلسطين الذين رجعوا بتوفيق من الله إلى بلادهم بعد مضي ٤٦ عامًا، ورحل اليهود عن تلك المواضع المذكورة، وإنها لخطوة تبشر بالخير، ربما أن فرقة حماس الفلسطينية لا يروق لها ذلك الصلح لأنها تريد أن تكون الرقعة أكبر من ذلك ولا سيما المسجد الذي تحت حكم اليهود، وربما في ذلك القدس الغربية التي لا تزال تحت سيطرة اليهود، فإن فرقة حماس لا تزال في مناوشات وحرب مع إسرائيل، وكان ياسر عرفات ومن في جهته يعملون بحكمة، ولا بد أنهم ينتظرون الفرج من الله في ذلك اليوم الذي يمكنهم في أن يكون المسجد الأقصى ثالث المسجدين وأولى القبلتين تحت الولاية الإسلامية، وأملنا بالله عظيم كما قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} [الحج: ٣٩، ٤٠]، وما أقرب النصر من المظلوم.
وقد ذكرنا القتال الدائر في اليمن فقد تم في اليوم الخامس من شهر ذي الحجة عشرة أيام فقد نشب القتال وهم يخوضون معارك ضارية، وتهدمت مساكنهم لأن القتال بين الفريقين بالمدافع الثقيلة والدبابات والطائرات القاذفة، وأرسلت الهند طائراتها لحمل أبناءها الموجودين في اليمن، كما أن مصر فعلت ذلك، وكان من ملوك العرب من لم يتدخل في موضوعهم، ومنهم من فشلت وساطتهم، وتنبأ العقلاء أن الأمور هناك لا تبشر بخير وأن الموقف تضخم جدًا، وجعلت القنابل تضرب ضربًا عشوائيًا، وكان من جملة الذين استهدفوا من جالية الصومال فعمهم الضرب وهلكوا، وقد خرجت حكومة عمان للإصلاح لأنه يلوذ بها شر الفارين من اليمن الجنوبي، وبكل حال فقد تأزم الموقف جدًا في اليمن.